هل سيؤدي اجتماع الرياض الى اختراق حقيقي في الأزمة الرئاسية؟

استحوذ الاجتماع المهم، الذي عقد في عاصمة المملكة العربية السعودية الرياض بين الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان والمستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا بحضور سفير المملكة لدى لبنان وليد البخاري، على الاهتمام الاستثنائي المحلي والخارجي، كونه خصص لمناقشة الأزمة المستمرة حول انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان.

ويأتي هذا الاجتماع في سياق تحركات دولية وإقليمية حثيثة، تهدف إلى فك عقدة الفراغ الرئاسي التي تعصف بالبلاد منذ فترة طويلة.

وأوضح مصدر ديبلوماسي في بيروت لـ «الأنباء» ان «هذا الاجتماع يشكل استكمالا للمساعي الدولية التي تقودها فرنسا بالتعاون مع المملكة العربية السعودية، للبحث عن مخرج للأزمة اللبنانية وفي مقدمها الاستحقاق الرئاسي الذي طال أمده. من هنا، فإن هذا الاجتماع في الرياض يعكس اهتماما دوليا وإقليميا متزايدا بضرورة إنهاء الفراغ الرئاسي، الذي بات يشكل تهديدا مباشرا لاستقرار لبنان السياسي والأمني».

وأشار المصدر «إلى أبعاد توقيت الاجتماع، إذ تأتي أهمية التوقيت في ظل تعقيدات إقليمية ودولية كبيرة. فمن جهة، يشهد قطاع غزة حربا ضارية، حيث تتصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد القطاع، ما يثير قلقا كبيرا حول توسع دائرة الصراع ليشمل مناطق أخرى في المنطقة، بما فيها جنوب لبنان، الذي يشهد هو الآخر توترات أمنية وعسكرية متزايدة. هذه الظروف تجعل من الضروري إيجاد حلول عاجلة للأزمة الرئاسية اللبنانية، لتفادي دخول البلاد في دوامة من الفوضى وسط هذه الظروف الإقليمية الحرجة».

ولفت المصدر إلى الظروف الدولية قائلا «على الصعيد الدولي، يشهد العالم تحولات جيوسياسية كبيرة، خصوصا مع تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة والصين، إلى جانب التحديات التي تواجهها أوروبا في ظل الصراع الروسي ـ الأوكراني. كل هذه العوامل تضع لبنان أمام اختبار حقيقي، فإما أن يتمكن من استغلال هذه التحركات الدولية للخروج من أزمته، أو أن يجد نفسه في قلب صراع جديد يزيد من تعقيداته الداخلية».

وحول نتائج الاجتماع، قال المصدر « رغم التكتم على التفاصيل الدقيقة للقاء، إلا أن المراقبين يرون أن الاجتماع ركز بشكل أساسي على كيفية تقريب وجهات النظر بين الأطراف اللبنانية المتنازعة، وضمان توافق دولي وإقليمي على مرشح توافقي يمكنه تولي الرئاسة والخروج بالبلاد من أزمتها. كما بحث الاجتماع في سبل تحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية، وضمان استقراره في ظل التوترات القائمة».

وتناول المصدر دور فرنسا والسعودية، وقال «تلعب كل من فرنسا والسعودية دورا محوريا في محاولات حل الأزمة اللبنانية، باعتبار ان فرنسا صاحبة تاريخ طويل من التأثير في لبنان، وتسعى جاهدة لضمان استقرار هذا البلد الذي يواجه أزمات متتالية. اما المملكة العربية السعودية، فتعتبر استقرار لبنان جزءا من استراتيجيتها الإقليمية لضمان توازن القوى في المنطقة، وهي التي كانت ولاتزال عرابة الوفاق اللبناني من اتفاق الطائف إلى اليوم».

ورأى المصدر «ان الاجتماع الذي عقد في الرياض ليس مجرد حدث ديبلوماسي عابر، بل هو جزء من سلسلة تحركات دولية وإقليمية مكثفة تهدف إلى كسر الجمود السياسي في لبنان، ووضع حد للأزمة الرئاسية التي تهدد مستقبله. ومع تعقيدات الوضع الإقليمي والدولي، يبقى السؤال حول ما إذا كان هذا الاجتماع سيؤدي إلى اختراق حقيقي في الأزمة اللبنانية، أم أنه سيكون مجرد محاولة أخرى تضاف إلى سلسلة المحاولات السابقة التي لم تفلح في تحقيق تقدم يذكر».