هاجس الحرب لم يتبدد...هوكشتاين إلى بيروت مجددًا؟

هل دارت بوصلة الحرب التدميرية الى الشمال، مع تكتيك للجيش الاسرائيلي، ضمن استراتيجية استمرار الحرب هناك حتى اخضاع حماس، او تصفية الحساب الكامل مع قيادتها؟

السؤال، لم يكتسب مشروعية من سياق الوضع الميداني وحسب، بل من معطيات تبدأ باخفاق مفاوضات الهدنة في غزة، ومغادرة وزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن من دون اي موقف يتعلق بالمسار التفاوضي، فضلاً عن تصاعد العمليات الميدانية الى درجة ان من يشاهد مسار الاغتيالات، وردود المقاومة، وتوسع الجبهة في العمق الاسرائيلي او باتجاه البقاع، لا يتردد في القول ان الحرب واقعة بين لحظة ولحظة.

وأكدت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن ما من تأكيدات واضحة بشأن مصير مجريات المواجهات بين العدو الإسرائيلي وحزب الله وبالتالي فإن التصعيد الحاصل حاليا يوحي بأن الأوضاع سلكت مسارا جديدا ما يعني أن جميع الاحتمالات واردة وعلى الرغم من ذلك ما من توجُّه حازم ولا يزال الانتظار قائما حتى أن الاتصالات الديبلوماسية للحؤول دون انحدار الأوضاع لم تُعلّق.

وقالت المصادر إن هاجس الحرب لم يتبدد وإن المواقف السياسية عكست ذلك مع العلم ان المواقف شيء والتقديرات شيء اخر، وفي هذا الوقت تتواصل المواكبة الرسمية لأي طارئ تحسبا لأي سيناريو، مشيرة إلى أن لا شيء فوق العادة إنما تجهيزات استباقية.

واعلن وزير الدفاع الاسرائيلي ان الجيش الاسرائيلي بدأ ينقل ثقله من قطاع غزة الى الحدود مع لبنان، في وقت كان فيه رئيس وزراء اسرائيل يجتمع مع رئيس اركان سلاح الجو وقائد منظومة الدفاع الجوي، واصفاً القوات الجوية بقبضة اسرائيل التي «تضرب الخاصرة الرخوة لاعدائنا».

وقال للجنود: جئت لزيارة قاعدة «رمات ديفيد» لأراقب عن كثب استعداداتنا ضد التهديدات القريبة والبعيدة.
ومن الوقائع الميدانية المقلقة، وردّ المقاومة على العدوان الذي طال منطقة البقاع بقصف قاعدة تسنوبار اللوجستية في الجولان السوري المحتل بصواريخ الكاتيوشا، وبالمسيَّرات الانقضاضية، استهدفت المقاومة المقر الاحتياطي للفيلق الشمالي وقاعدة تمركز احتياط فرقة الجليل، مما استدعى عقد اجتماع للقيادة العسكرية الشمالية لمناقشة الرد، ودفع الامر الى المستوى السياسي.

ومع هذه المعطيات المقلقة، يطرح سؤال آخر: كيف ستفي الادارة الاميركية وموفدها الى بيروت آموس هوكشتاين بوعدوها بحفظ استقرار لبنان؟

حسب مصادر سياسية متابعة، فإزاء التصعيد العسكري المعادي المتدرّج في جبهة الجنوب واستهداف المدنيين اكثر والتوغل بالغارات في عمق البقاع اكثر، وقرب الرد على اغتيال القائد العسكري للمقاومة الشهيد فؤاد شكر في حال التأكد من إفشال اسرائيل لمفاوضات التهدئة في غزة، يصبح الكلام الاميركي والغربي عموماً عن «الحرص على استقرار لبنان والمسعى لتطبيق القرار 1701 من جانبي الحدود لا من جانب لبنان فقط «حبراً على ورق او كلام في الهواء للإسترضاء».

وعلى هذا، تضيف المصادر السياسية: «في حال فشلت مفاوضات غزة، قد يزور هوكشتاين لبنان مجدداً في محاولة جديدة للضغط على لبنان لمنع اي رد على الاغتيالات الاسرائيلية، وقد لا يحمل جديداً حول ترتيب الحدود البرية… وهناك احتمال ان لا يزور هوكشتاين لبنان اذا انفجر الوضع مباشرة بعد نعي مفاوضات غزة، وانتقل كيان الاحتلال الى التصعيد في الجنوب، واذا حصل رد محور المقاومة على الاغتيالات. لذلك باتت المسألة مسألة ساعات ربما وليس اياماً لتبيان مسار الوضع.

وكان تصريح النائب مروان حمادة زاد من حجم الترقب والمخاوف عندما قال:

آخر معلومات عندي من دبلوماسيين غربيين لهم علاقة مباشرة بالمفاوضات وأيضاً بالتحضيرات عند الفرقاء، أكان عند العدو أو عند «محور المقاومة» وعند حزب الله، أن الحرب واقعة خلال أيام قليلة إذا لم يكن خلال ساعات، وهذا كلام خطير نقوله، ولكن كلام يجب أن نتنبه له، لأن الأحداث خلال الساعات الأخيرة، وخصوصاً خلال 48 ساعة الأخيرة، حتى قبل أن يقول (وزير حرب العدو) يوآف غالانت إن نقطة الارتكاز في الحرب انتقلت عندهم من الجنوب (غزة) إلى الشمال (لبنان)، كان واضحاً من خلال الغارات على البقاع أو من خلال الاستهداف المستمر بالمسيَّرات لأشخاص ولقيادات، قبل ان يتراجع ويغير موقفه تحليلاً صحافياً وليس معلومات.
وأقرّ تقرير لـ «معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي» بأنّه «ليس من المؤكد أن «الفوائد الاستراتيجية للحرب مع لبنان، سوف تفوق الضرر الناجم عنها، مشيراً إلى أنّه «من الصعب التنبؤ بكيفية تطور الحملة المكثفة ضد حزب الله» .

وقال المعهد في تقريره: أنّه من المهم الأخذ في الاعتبار، «الظروف القاسية»، التي قد تنجم عن توسّع الحرب مع لبنان، الذي شكّل منذ بداية معركة طوفان الأقصى جبهة إسنادٍ لغزّة ومقاومتها، عبر عمليات مستمرة ضد أهداف تابعة للاحتلال، شمالي فلسطين المحتلة.

وفي السياق الدبلوماسي، بحث وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب مع رئيس بعثة الأمم المتّحدة لمراقبة الهدنة في لبنان اللواء باتريك غوشا يرافقه رئيس اللجنة المشتركة لمراقبة الهدنة في بيروت المقدم جيرارد كيرنز الأوضاع المتوترة في لبنان والمنطقة في ظل استمرار اسرائيل في عدوانها وتصعيدها وعرقلتها مساعي التوصل الى وقف لاطلاق النار في غزة. وشدد بوحبيب على ضرورة أن تلعب الأمم المتحدة وبعثتها لمراقبة الهدنة الدور المنوط بهما، وأدان الاستهدافات الاسرائيلية لقوات اليونيفيل في جنوب لبنان، كما أمل أن تُـصدر الأمم المتحدة تقريراً بشأن حادثة مجدل شمس لتبيان حقيقة ما جرى وسحب ذريعة حق الدفاع عن النفس التي اعتمدتها اسرائيل لشنّ اعتدائها على الضاحية الجنوبية لبيروت بتاريخ 30 تموز 2024.

من جهته، حذر اللواء غوشا من خطر التصعيد على الحدود بين لبنان واسرائيل، مؤكدا أن الـ UNTSO تقوم بدورها وتراقب الحدود من الجهتين.