مَنْ يُعيدُ عَظَمَةَ الأُمَّة ويَسْتَعيدُ سعادةَ بنيها؟

كتب المحامي انطوان القاصوف:

 مَنْ يُعيدُ عَظَمَةَ الأُمَّة ويَسْتَعيدُ سعادةَ بنيها؟؟!!

      تقولُ الواقعة : أُحيلَ إلى أحدِ القضاة ، ملفٌّ مُتَعلِقٌ بجريمة سرقة .

في طريقِهِ - سيْراً على قدميه - من بيتِهِ إلى مكتبِهِ، إلتقى القاضي "عصفوراُ فاراً من العصفورية " فاستشارَهُ سائلاً : "ما حُكمُ السّارق"؟

أجابَ المجنون:

-إذا كانتِ السّرقة عن "مهنة" تُقْطَعُ يَدُ السارقِ !

-أمّا إذا كانت عن " جوع" فتُقطَع يدُ الحاكمِ..!

وعملاً " بقانون الجنون"،هذا ، كثيرون مِمَن إمتهنوا السّرقة قُطِعت أياديهم! ولكن لم نرَ من المسؤولين " أكْتَعاً " واحداً رغم أنهم أذًلّوا شعبًهم وأفْقروه ونقلوه من الإكتفاءِ والرّخاءِ إلى الجوعِ فالمجاعة فَحَماهُم "قانون الحصانة " ومن المُخزي لا بل من العارِ أنَّ معظَمَهم زادت أياديهم طولاً ..! وعلى قدْرِ أهلِ النّصْبِ تأتي المناصِبُ ..؟!

فويلٌ لأمَّةٍ :

يقودُها سياسيٌ فاسد !

يقاضيها قاضٍ مرتشي!

يُعلِّمُها مُعلّمٌ جاهل    !

يداويها طبيبٌ مريض!

يَنْهَبُهَا مصرِفيٌّ وديع !

يُغذّيها تاجرٌ  فاجر   !

يُديرها سمسارٌ داعر!

يُؤدِّبُها مؤدِبٌ عاهر !

يرشِدُها مُرشِدٌ كافر !

...ويبقى شعبُها خانعاً ،قانعاً ، راضياً ، مُخدَّراً ..يتبعُ فلسفةَ " السَكارجي" ومآلُها : " لكي تصحُوَ من السِكْرِ .. إشرَبْ المزيد .."؟!

 

في دولةٍ ، لكلِ كلمةٍ فيها ، أكثرُ من معنى ، ولكل عملٍ أكثرُ من تفسيرٍ ، ولكل موقفٍ أكثرُ من تبريرٍ :

- فالوطن : دولةٌ لهذا ، دويلةٌ لذاك ، وقيدُ الدرسِ لذلك !

- والنظام :ديمقراطيٌ لهذا ، ثيوقراطيٌ لذاك ، وساحةٌ لذلك !

- والدّستور: مادة لهذا ، ومادي إجرا من الشباك لذاك !

- والعدالة: هذا يرث وهذا لايرث !

- والعملة الوطنية: ليرة لهذا ، دولار لذاك وحتى أورو لذلك !

- والتربية : شهادة كالإفادة!

- والكهرباء:ما زالت مُطفأة حداداً على وفاة  مخترِعِها أديسون !

- والإنتخابات: قانونها؛ أكثريٌ لهذا ،نسبيٌ لذاك ، أرثوذكسيٌ لذلك و"لوتو"للجميع !

- والفساد : فاعلُهُ ضمير مستتر تقديره هو !

ومن أبرز الخلافات والأختلافات  في معنى الكلمةوالعمل والموقف والتطبيق ، حالياً ، هو القرار١٧٠١ المولود في مجلس الأمن قبل ١٨ عاماً ، حيث كلٌّ يُفسِّره على هواه ويختار منه ما يُناسبُه ، علماً أنَّ "الجهة" المقصودة فيه وخاصةً في قسمه الثاني لا تُحبّ ولا تريد أن تسمعَ به !

وحده الوزير السابق محمد شطح أحسن القراءة والتفسير فرأى في مقابلة تلفزيونية عام ٢٠١٣ أنَّ القرار ١٧٠١ يقسم إلى قسمين :

القسم الأول: لإنهاء الحرب في تموز ٢٠٠٦

القسم الثاني : يضع لبنان في وضع نهائي آمن تجاه العدو الاسرائيلي وتجاه حدوده الشمالية والشرقية  وتجاه الميليشيات الداخلية التي لا يٌمكن أن تبقى..

وفي ختام المقابلة تساءل:"ولكن ، إذا كان إنهاء المليشيات موقفاً أُمًمٍياً من مجلس الأمن ووافقت عليه جميعُ الدول ووافق عليه لبنان ، فلماذا عَطَّلنا إمكانية الخضوع لهذا الأمر ..."؟!

إنه مجرد سؤال...فإغتيل بعد اسبوعين ليصبح الشهيد محمد شطح ، كما  كلّ مَنْ له رأي في الإتجاه الآخر ...؟؟!!

 

   مع التعايش الكاذب المبني على التناقض الصريح ، إلى أين وصلنا ؟

كنّا "سويسرا الشرق" فحوّلونا إلى "غابة " ثم إلى "جهنم" ،وحتى جهنم لم تعد "الكلمة-الصفة" التي تختصرُ ما آلت اليه حالتنا وبات "الخبراء الدستوريون"عاجزين عن إيجاد تسمية جديدة لنا..!

كلُّ هذا بفضلِ "رجال سلطة" تخطٌّوا عِلمَ اللغة والمبادئ الدستورية وجعلوا "إرادتهم " بديلاً من "القانون"!

اللبنانيون،  الغارقون في لجَّة المآسي ،قد تكون وجوههم متشابهة أمّا قلوبهم فباتت مختلفة وعقولهم متباينة،  فمن يعيدهم إلى الحياة الواحدة والعيش المتنوع؟!

اللبنانيون،  رغم أنَّ الواقع "يُدميهم" فإنَ الأملَ "يُحييهم" وهم يحلمون برئيسٍ "لجمهوريتهم " قليل الكلام كثير الأفعال يحلف اليمين الدّستورية ويخاطب نوابَ الأُمَّة وشعبَ الأمة وأُمّةَ الأمة  عن مشروعه الأنقاذي  قائلاَ بما قلَّ ودلَّ :

"طالت ولايتي أم اختُصِرت ..طالت حياتي أم قصٌرَت ..عهدي ووعدي،  أن أُكرِّسَ ذاتي لاستعادة  عَظَمَةَ أمتي وسعادة شعبي واعلموا  أنَّ سرَّ بقاء الأمم هو في  إستقرارها .

سلاحي: الضمير الحيّ ،القلب المُحِبّ والعقل المُنتِج .."

    عشتم وعاش لبنان.

لنذكرَ نحن بالخير "نيلسون مانديلا" الذي رأى من عتمةِ سجنه ورطوبةِ زنزانته :"إنَّ الأملَ ليس حلماً   بل طريقةً لجعلِ الحلمِ حقيقةً .."؟؟!!