مصدر وزاري: اي اتجاه للحكومة الى سوريا من شأنه الاطاحة بكل انجازات التهدئة...

تقرّ الحكومة في بيانها الوزاري، الذي وزّعت امس مسوّدته الاولى، انها "تواجه اعتراضا شعبيا لا تنفع المكابرة في التعاطي معه. فالناس يشككون بشرعيتنا جميعا وهم، في اضعف الايمان، منقسمون حول هذه الشرعية"... وتؤكد في الوقت عينه ان "استعادة الثقة مسار طويل يتطلّب مصارحة الناس بالحقيقة ويحتاج الى انجازات ملموسة".

ورود او اشواك

بهذا الكلام خاطبت الحكومة اللبنانية في مقدمة بيانها بالامس اللبنانيين، ما يدل انها تدرك المخاطر، وتدرك ايضا ان طريقها ليس مفروشا بالورود، بل على العكس بالاشواك... لكن "الامل موجود"،  حيث شدد مصدر وزاري على ان حكومة حسان دياب في غلافها الخارجي ليست حكومة "حزب الله"، معتبرا ان هذا ما ادركه الجميع، وترك ارتياحا في الداخل، لا سيما بعد اصرار دياب على العمل.

وقال المصدر، عبر وكالة "أخبار اليوم"، انها للمرة الاولى منذ العام 1992 يكون رئيس الحكومة من خارج العباءة الحريرية، من الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الى الرؤساء فؤاد السنيورة، سعد الحريري، وصولا الى نجيب ميقاتي وتمام سلام، غير البعيدين عن "هذه الثقافة السياسية- الاقتصادية"، كما ان الحكومة من الرئيس الى الاعضاء ليست من المنظومة التقليدية.

استنزاف الشارع

واضاف: اذا كانت القوى السياسية ترى ان لا بديل سوى اعطاء فرصة، كذلك الشارع الذي تم استنزافه خاصة بعدما انتقل الى العنف المبالغ، ومحاولة اقفال مجلس النواب، وخير دليل ان منظمي التحركات الشعبية اضطروا الى دعوة الرسامين يوم امس الى ساحة الشهداء من اجل اعطاء الانطباع ان التحركات سلمية، فـ"الحراك الشارعي" انتهى او يكاد.

وشدد المصدر على ان ليس لدى الشارع ما يرفضه، بل وفقا للمنطق فان التركيبة الحكومية مقبولة، وفي الوقت عينه كل القوى السياسية تعترف انها في مأزق مالي ونقدي واقتصادي، وبالتالي فان الكرة باتت في ملعب حكومة دياب ومن يقف وراءها كي تنجح في المهمة، فاذا نجحت تفتح الطريق امام الحراك والقوى السياسية للمشاركة في الانتخابات المقبلة والتنافس على أرضية صلبة، وليس على وقع عدم الاستقرار اما اذا فشلت تتحمّل وحدها المسؤولية.

"القوات اللبنانية" منكفئة

واعتبر المصدر ان هذا ما ادركه الحزب "التقدمي الاشتراكي" وتيار "المستقبل"، وايضا "القوات اللبنانية" المنكفئة عمليا عن كل شيء، مع العلم ان المعارضين وتحديدا منهم في تيار "المستقبل"، يريدون العودة الى السلطة بعد الانتخابات النيابية المقبلة، وعندها يستلمون بلدا اقله في طريقه الى التعافي وقد توقّف الانهيار.

وفي المقابل، اشار المصدر الى ان "حزب الله" لا يتدخل، لا بل يسهّل وظيفة الحكومة الاساسية وهي توفير مظلة الاستقرار السياسي ومحاولة الحدّ من الانهيار المالي والنقدي.  وقال: بالنسبة الى الاستقرار السياسي، فقد بدأ الهدوء يعمّ البلد، والتحركات الشعبية باتت مختصرة جدا، اما اقتصاديا، فيجب ان يبدأ العمل على التهدئة، وذلك من خلال السعي الى مساعدات من الخارج او العمل على اتخاذ اجراءات في الداخل.

... تلاقٍ فرنسي مع الحكومة

وفي هذا المجال، لفت المصدر الى وجود تلاقٍ فرنسي مع الحكومة، لا سيما في موضوع الكهرباء، والاصلاحات. وانطلاقا مما تقدّم، اشار المصدر الى ان البيان الوزاري حدّد المئة يوم الاولى من بعد نيل الثقة لوضع القوانين والتشريعات اللازمة. وهذا دليل على ان الحكومة استشعرت خطورة الوضع، وهذا بحدّ ذاته ايجابي ومشجع في انتظار الخطوات اللاحقة.

الذهاب الى سوريا يعني الاطاحة بالتهدئة

وماذا عن العلاقة مع سوريا، اشار المصدر الى ان البيان الوزاري لم يتطرّق الى هذا الملف، الا من باب معالجة النزوح، وليس من باب اي انفتاح آخر، معلنا انه لا يوجد مَن سيدفع بالحكومة او بالرئيس دياب "الى سوريا" لان من شأن ذلك الاطاحة بكل منجزات التهدئة، مشددا على ان الداعم الاساسي للحكومة يأتي بالدرجة الاولى من الداخل. وقال: الاولوية اليوم للاقتصاد، والحكومة تعوّل على الدعم الفرنسي بالدرجة الاولى على مستوى تثبيت الاستقرار المالي والنقدي.

لسنا امام حكومة انتقالية

اما عن الفترات الزمنية التي يشير اليها البيان الوزاري، فاكد المصدر ان هذه المهل تشير الى اننا لسنا امام حكومة انتقالية بمعناها الضيّق، لا بل من المرجح ان تبقى هذه الحكومة الى الانتخابات النيابية القادمة على اقل تقدير، ما لم يحصل تطور سياسي كبير في لبنان او في المنطقة .