مسودة مذكرة تفاهم بشأن القوات البريطانية المنتشرة في لبنان تثير المخاوف والجيش اللبناني يقدم ملاحظاته

أثارت مسودة مذكرة التفاهم التي أعدتها المملكة المتحدة للتوقيع مع لبنان بخصوص القوات البريطانية المنتشرة على الأراضي اللبنانية جدلا واسعا، خصوصا بعد رد قيادة الجيش اللبناني التي قدمت ملاحظات عدة تثير المخاوف بشأن السيادة والاستقلال اللبناني.
وجاء رد قيادة الجيش بعد دراسة دقيقة لمذكرة التفاهم من كافة جوانبها، ليشير إلى مجموعة من النقاط التي تتطلب تعديلا قبل الموافقة على التوقيع.

وشرح مرجع قانوني لـ «الأنباء» أسباب «عدم وضوح نطاق مهمة القوات المسلحة البريطانية، ما يزيد من حالة عدم اليقين وفق رد الجيش».

وتناول المرجع النقاط السبع الأساسية في رد قيادة الجيش وفق الآتي:

«أولا: نطاق المهمة غير الواضح. وأبدى الجيش اللبناني قلقه بشأن عدم وضوح نطاق مهمة القوات البريطانية المنتشرة في لبنان. من الناحية القانونية، يعتبر هذا الجانب غامضا إذا لم يتم تحديده بدقة في المذكرة، ما يمكن أن يؤدي إلى تجاوز الصلاحيات الممنوحة لهذه القوات أو استخدامها في أغراض غير منصوص عليها صراحة.

عسكريا، عدم وضوح المهام يعوق التنسيق بين الجيش اللبناني والقوات البريطانية، ويزيد من حالة عدم اليقين بشأن مهام هذه القوات وكيفية تأثيرها على العمليات العسكرية المشتركة.

ثانيا: المخاوف المتعلقة بالسيادة. من الناحية القانونية، تعتبر السيادة ركيزة أساسية في العلاقات الدولية. أي تدخل خارجي على الأراضي اللبنانية دون وضوح أو اتفاقات ملزمة يعرض سيادة الدولة للتهديد.عسكريا، وجود قوات أجنبية تعمل من دون قيود واضحة قد يمس بسيطرة الجيش اللبناني على أراضيه وعلى العمليات الأمنية، ما يؤدي إلى تآكل نفوذ لبنان وسيطرته العسكرية.

ثالثا: الحرية العملياتية للقوات البريطانية. الحرية العملياتية تمنح القوات الأجنبية مرونة في اتخاذ القرارات دون الرجوع إلى السلطات المحلية. قانونيا، يشكل ذلك انتهاكا لسيادة لبنان، بحيث يصبح القرار في يد القوات البريطانية بدلا من السلطات اللبنانية. عسكريا، هذا قد يعرقل قدرة الجيش اللبناني على تنسيق العمليات الأمنية والعسكرية، ويخلق انقسامات في اتخاذ القرارات المتعلقة بالأمن الوطني.
رابعا: الحصانة القانونية. منح الحصانة القانونية للقوات الأجنبية يعني أنها لن تكون خاضعة للقوانين اللبنانية. من الناحية القانونية، يشكل ذلك انتهاكا لسيادة الدولة ويؤدي إلى إضعاف القضاء اللبناني. عسكريا، الحصانة قد تتيح للقوات البريطانية ارتكاب انتهاكات دون محاسبة، ما يخلق توترا بين الجيش اللبناني والقوات الأجنبية ويؤثر سلبا على التعاون بينهما.

خامسا: التزامات الدعم اللوجستية غير المتوازنة. من الناحية القانونية، من غير المقبول أن تكون التزامات الدعم اللوجستية غير متوازنة بين الطرفين. عسكريا، عدم التوازن في الدعم قد يفرض أعباء إضافية على الجيش اللبناني الذي يعاني بالفعل من نقص في الموارد، ما يعوق عملياته العسكرية والدفاعية.

سادسا: عدم المساواة في صنع القرار. إذا كانت القوات البريطانية تتمتع بسلطات أكبر في صنع القرارات، فإن هذا يؤدي إلى عدم توازن في التحكم بالعمليات المشتركة. قانونيا، يجب أن يكون هناك تكافؤ في صنع القرار بين الأطراف المتعاقدة. عسكريا، هذا الخلل يمكن أن يضعف سلطة الجيش اللبناني في إدارة العمليات الدفاعية ويؤدي إلى تنامي نفوذ القوات البريطانية.

سابعا: غياب المعاملة بالمثل. من الناحية القانونية، يجب أن تكون الاتفاقيات الدولية قائمة على مبدأ المعاملة بالمثل. غياب هذا المبدأ يعني أن القوات اللبنانية لن تتمتع بنفس الامتيازات في المملكة المتحدة، ما يشكل انتهاكا لمبدأ العدالة. عسكريا، عدم وجود معاملة بالمثل يضع الجيش اللبناني في موقف ضعف، حيث يتمتع الطرف الآخر بامتيازات دون تقديم مقابل».

وأشار المرجع إلى انه «بعد هذه الدراسة المتعمقة، اقترحت قيادة الجيش اللبناني على وزارتي الدفاع والخارجية مطالبة المملكة المتحدة وشمال أيرلندا بإعادة صياغة مشروع مذكرة التفاهم بما يأخذ في الاعتبار الملاحظات المذكورة أعلاه. هذه الخطوة تهدف إلى ضمان عدم المساس بسيادة لبنان وحقوقه الوطنية والعسكرية».

واعتبر المرجع ان «مذكرة التفاهم في صيغتها الحالية تشكل تهديدا جديا لسيادة لبنان واستقلاله. من الضروري أن تكون المفاوضات بشأنها دقيقة ومدروسة لضمان حماية المصالح الوطنية وعدم ترك أي ثغرات قد تستغل لاحقا».