مساع أميركية - فرنسية لمعالجة ملفي غزة ولبنان وفق القرارين ٢٧٣٥ و١٧٠١

تشير مصادر ديبلوماسية إلى أن الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا تقومان باتصالات ومفاوضات مع حلفائهما والدول الإقليمية من أجل إعادة فتح ملفي غزة ولبنان في مجلس الأمن الدولي بعد التوصل إلى وقف النار الذي قد يقر قبل افتتاح الجمعية العمومية السنوية للأمم المتحدة. وتعتبر أن القرار الدولي ٢٧٣٥ حصل على شبه إجماع عند التصويت عليه، ولم يمتنع عن الاقتراع إلا روسيا، لكنها لم تستخدم حق النقض. وهذا المشروع قدمته الولايات المتحدة في ٣١ أيار الماضي ووافقت عليه إسرائيل، وطالب مجلس الأمن يومها بموافقة حركة "حماس" عليه.

وفق هذه المصادر، فإن القرار يحمل عناصر إيجابية لحل القضية الفلسطينية، إذ يلحظ ثلاث مراحل من وقف فوري تام وكامل للنار، مع إطلاق الرهائن بمن فيهم النساء والمسنون والجرحى وإعادة رفات بعض مَن قتلوا وتبادل الأسرى الفلسطينيين وانسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة بالسكان في غزة، وعودة المدنيين الفلسطينيين إلى ديارهم في كل مناطق غزة بما في ذلك شمالها في المرحلة الأولى، فضلا عن التوزيع الآمن والفعال للمساعدات الإنسانية على نطاق واسع في أنحاء القطاع على جميع من يحتاج إليها من المدنيين الفلسطينيين، بما في ذلك وحدات الإسكان المقدمة من المجتمع الدولي.

ويحاول الرئيس الأميركي جو بايدن تنفيذ وقف النار في غزة كخطوة أولى، وقد حصل من أجل ذلك على دعم دولي وإقليمي لتنفيذ المرحلة الأولى من القرار، لأن "اتفاق وقف النار يمهد الطريق نحو وقف دائم للأعمال العدائية ومستقبل أفضل للمنطقة" وفق السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد.

ويشدد مجلس الأمن في القرار ٢٧٣٥ على أن المفاوضات، إذا استغرقت أكثر من ٦ أسابيع للمرحلة الأولى، فإن وقف النار يستمر ما دامت هي مستمرة. وهذا ما تحاول الولايات المتحدة ومصر وقطر التعويل عليه من أجل استمرار المفاوضات لمنع أي تصعيد عسكري يحرق المنطقة برمتها.

والواقع أن هذا القرار هو الطريقة الوحيدة لإنهاء دائرة العنف وبناء سلام دائم من خلال تسوية سياسية، أي التزام الأطراف حل الدولتين.

وفي مرحلته الثانية، يدعو القرار الدولي إلى اتفاق الطرفين على وقف دائم للأعمال العدائية مقابل إطلاق جميع الرهائن الآخرين وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من القطاع. وهنا أيضا يعود إلى مجلس الأمن الدولي تحديد الشروط التي ستنسحب بموجبها القوات الإسرائيلية، والإدارة التي ستتسلم زمام الأمور في غزة بعد وقف دائم للنار.

أما المرحلة الثالثة فتتمثل في خطة كبرى تمتد سنوات لإعمار غزة وإعادة ما تبقى من رهائن متوفين إلى أسرهم، وهذه المرحلة أيضا تتطلب إدارة من الأمم المتحدة لتنفيذها ومن السلطات المالية الدولية لمراقبة المشاريع قيد التنفيذ.

ويؤكد القرار في هذا السياق التزامه الثابت رؤية حل الدولتين، أي توحيد قطاع غزة مع الضفة الغربية تحت السلطة الفلسطينية، من دون تحديد الشروط.

هذا النص ليس مثاليا، لكنه يقدم بعضا من الأمل للفلسطينيين، والبديل هو استمرار القتال ومعاناة الشعب الفلسطيني، وهناك العديد من الأسئلة التي تتطلب إجابات. فالقرار ٢٧٣٥ رسم الخطوط العريضة للحل من دون الخوض في التفاصيل، وهذا ما يؤخر حتى الآن التوصل إلى اتفاق بين الأطراف من أجل تنفيذ المرحلة الأولى من وقف النار لمدة ستة أسابيع.

وتلاحظ المصادر أن هناك تعاونا أميركيا - فرنسيا - بريطانيا للتحضير لاجتماع في مجلس الأمن الدولي واتخاذ قرار يخول الأمم المتحدة متابعة تنفيذ القرار الدولي وتحديد حلول دائمة للوضع الإقليمي لمنع الانفجار، بعد التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل و"حماس" لوقف النار وعرض متجدد في مجلس الأمن للعوائق التي تمنع التوصل إلى اتفاق على مندرجات القرار ٢٧٣٥ الذي حصل على شبه إجماع في مجلس الأمن.

وتلفت هذه المصادر إلى أن البدء بتنفيذ المرحلة الأولى من القرار سيؤدي أيضا إلى العودة إلى الـ ١٧٠١ لتأمين سلامة الحدود بين لبنان وإسرائيل والإجراءات الضرورية من أجل تثبيت وقف النار والأعمال العدائية على جانبي الخط الأزرق، وبالتوازي تقديم مساعدات لإعادة إعمار ما تهدم في الجنوب وخطة للتنمية الاقتصادية، على أن يشرف على هذه المرحلة رئيس منتخب بإجماع لبناني.

وفي هذا السياق، حددت فرنسا موقفها من الوضع القائم على لسان وزير الخارجية الفرنسي #ستيفان سيجورنيه خلال اتصال هاتفي في ٢٣ من الجاري بنظيره الإيراني عباس عراقجي، إذ أعرب عن قلقه "العميق من زيادة التوترات في المنطقة"، داعيا نظيره إلى "عمل كل شيء لتجنب الحريق الإقليمي الذي لن يكون ذا فائدة لأي كان، بما في ذلك إيران". وطالب طهران بدعوة "اللاعبين المزعزعين للاستقرار الذين تدعمهم في المنطقة إلى أقصى قدر من ضبط النفس وتهدئة التصعيد ولا سيما بين إسرائيل ولبنان".