لهذه الأسباب الاتفاق النووي كارثي اذا انجز كما هو !

انتهت الجولة الجديدة من مفاوضات فيينا النووية، الإثنين الماضي، وعادت الوفود إلى عواصمها من دون التوصل إلى حلول للقضايا المتبقية وإبرام الاتفاق النهائي، لكن كالمعتاد تتحدث بعض الأطراف المشاركة في المفاوضات عن تحقيق "تقدم" في هذه الجولة، التي اختلفت عن سابقاتها.

 

وكان التطور الأبرز توزيع المنسق الأوروبي، أنريكي مورا، لأول مرة "نصا نهائيا" للاتفاق بين أطراف المفاوضات، داعيا طهران وواشنطن إلى قبولها، واتخاذ القرار بشأن القضايا الخلافية التي ظلت مفتوحة من دون حل في النص.

 

في المقابل، أشارت مصادر دبلوماسية ايرانية اليوم الى أن "المقترحات الاوروبية بشأن الاتفاق النووي قد تكون مقبولة لايران اذا كانت هناك ضمانات بشأن الملفات التي تعتبر مصدر قلق لطهران وعلى رأسها العقوبات". فاين أصبح الاتفاق وهل يتم توقيعه قريبا وما هي عواقبه؟

 

المحلل السياسي الدكتور خالد العزي يقول لـ"المركزية": "العالم اليوم على عتبة اتفاق نووي قد يُنجَز وفقا للمسودة التي أعلن عنها ممثل الدبلوماسية الاوروبية، إنما أُسقِط منها بند، لطالما طالبت به ايران، ألا وهو رفع الحرس الثوري عن قائمة الارهاب، وبالتالي لم تستطع طهران فرض هذا الشرط، لكن في المقابل، تتضمن المسودة الكثير من الايجابيات والحوافز لايران وتراعي وضعها، واهمها بأن هذا الاتفاق لا يمكن قراءته ولا بأي اطار أنه جاء لمصلحة تعديل الاتفاق السابق الذي وقعته الولايات المتحدة، وبالتالي اعطت لايران حق التصرف الكامل في المنطقة والسيطرة على اربع عواصم، وفق ما قال علي يونس نائب الرئيس الايراني السابق حسن روحاني الذي اعلن بكل صراحة أن ايران اصبحت تسيطر على اربع عواصم عربية والحبل على الجرار، وهذا كله بسبب الاموال التي افرجت عنها الولايات المتحدة والاتفاق الذي لم يراعِ مصالح الحلفاء في المنطقة". 

 

وسأل العزي: "لكن حتى هذا الاتفاق لا يراعِي مصالح الولايات المتحدة لأنه لم يلحظ أي بند بهذا الخصوص، سوى الاستعجال الاميركي لإبرامه خوفاً من توصل ايران إلى صنع قنبلة نووية، رغم ان طهران تحاول ابتزاز العالم بهذا الأمر، لأن هذا الكلام يردده الايرانيون منذ العام 2007، لكنهم حتى اليوم لم يستطيعوا صنعها. لكن النقطة الأهم في الملف، والتي تصب في صالح ايران، هو ان المسودة لم تتوقف امام تفعيل هذا الاتفاق وهذا يدل على الاستعجال الاوروبي الواضح والوقح بطريقة غير مبررة. فالاوروبيون يريدون الاستثمارات في ايران وهم يجارون هذه الاتفاقيات للحصول على حفنة من الدولارات يسدّون بها أزمتهم وتحديدا فرنسا وبريطانيا"، مؤكداً ان "هذا الاتفاق سيكون كارثة اذا ما تم توقيعه، لأنه لم يتناول مسألتين اساسيتين، الاولى الصواريخ الباليستية الايرانية التي تهدد ليس فقط المنطقة واسرائيل وانما أيضاً اوروبا، إضافة الى المسيرات الايرانية التي اصبحت العامل التهديدي لكل المنطقة، فنرى انها تضرب اربيل وارامكو وتهدد كاريش وغيرها. 

 

والنقطة الثانية هي الاذرع الايرانية المرتبطة بالحرس الثوري الممتدة من غزة مع الجهاد الاسلامي وحماس حتى لبنان مع حزب الله، فسوريا مع نظام الاسد وحلفاء الحرس الثوري مروراً بالحشد الشعبي في العراق، وصولاً الى الحوثيين في اليمن، وفروع الحرس الثوري الذي يدير هذه الشبكات في العالم"، مشيرا الى ان "الاتفاق النووي لأنه سيقدم اموالا جديدة لايران، ستصرفها، ليس على تطوير البنى التحتية للشعب الايراني الذي يرزح تحت الفقر والجوع، وإنما على الأذرع لتقوية وجودها، على قاعدة انها اذرع موجودة في دول لهز استقرارها ومنعها من ان تكون دول سيادية بل دويلات داخل الدولة".

 

ولفت العزي الى ان "هذا الاتفاق الذي يسارع إليه الاميركيون، مرة جديدة نرى ان المفاوض الايراني علي اكبر رضائي يفاوض مورا، ولكن من يرعى هذا الاتفاق هو روبرت مالي المقرب والحليف لمحور الممانعة، وبالتالي يتبيّن ان مجموعة المفاوضين هم اجمالا من المعارضين الايرانيين الموجودين في الحزب الديمقراطي وهم من يحمون مصالح الجمهورية الاسلامية في ايران، بالرغم من انهم يعتبرون أنفسهم معارضين لهذا النظام، لكن في الفكر الايراني ليس هناك معارض وموالٍ بل مصلحة الامة الفارسية فوق كل اعتبار. وهنا يمكن توجيه سؤال الى فريق بايدن الذي يستقتل لانجاز الاتفاق، حول المصلحة التي يمكن ان تجنيها اميركا من هذا الاتفاق او ما هي النقاط التي تم تعديلها. لا اجابة، وبالتالي هو نكاية في العرب بكل معنى الكلمة، وتسليم ايران لهذا الدور المطلق. إشارة إلى ان الاتفاق عندما وُقع عام 2015، كان باراك اوباما يُعتبر الرجل الاقوى في فريقه، في حين ان الاضعف كان الرئيس الحالي جو بايدن. اليوم هذا الرئيس الضعيف ذهب ليفاوض على الا يفاوض، اي ليس هناك في المسودة ما يصون الحقوق الاميركية. لذلك، فإن الاسراع في الاتفاق النووي وزيارة رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي الى تايوان وقتل زعيم تنظيم القاعدة ايمن الظواهري هي اوراق لخوض معركته الانتخابية، والتي بات يعلم انه سيخسرها أمام الجمهوريين". 

 

ويشير العزي الى ان في المقابل، لأول مرة يرفع وزير الخارجية السابقة مايك بومبيو الصوت في وجه الحزب الديمقراطي ويقول بأن هذه العملية لن تمر اذا وقعها بايدن بهذا الشكل، إضافة الى القرار الذي اتخذته وزارة العدل الاميركية ولأول مرة يتناسب رأيها مع السياسيين الاميركيين في الحزب الجمهوري، بأن هذه الخطوات غير قانونية وسيتم التصدي لها ولن يتم تفعيلها، وبالتالي سيكون هذا العمل خرقا للقانون الاميركي وهذا ما يضع بايدن في مواجهة مع الشعب الاميركي في حال ذهب الى الاتفاق".

 

ويختم العزي: "ايران لم ترفض المسودة وأعلنت أنها تتريث وسوف تناقش، ما يعني انها ستقبل بالاتفاق، إذ ليس لديها مخرج آخر ولن يُقدَّم لها اكثر وافضل منه، لكن التريث يعني أنها تدرس كيفية تسويق هذه المسودة بطريقة بروباغندية امام الفعاليات والمجامع والحشود الولائية بأنها انتصرت على اميركا وحققت الشروط التي تستطيعها، لكن من سيعيق هذا الاتفاق هو المجتمع الاميركي نفسه الذي بدأ يرفع الصوت معترضاً أكثر فأكثر. كما ان الجانب الروسي لن يقبل به لأنه من ناحية يعتبر أنه سيكون على حسابه، لأن الاوروبيين يريدون الغاز والنفط كبديل عن النفط الروسي وهم اليوم يحاولون الوصول إليه عبر الايراني والفنزويلي، ومن ناحية اخرى  يحاول ان يستثمر في ايران ويستخدمها كورقة في صراعه مع الولايات المتحدة".