قداس شهداء المقاومة المسيحيّة في طبرية.. وتحية وفاء لشهداء الأشرفية والمطلة

أحيت جمعية " انت رفيقي" و"مار إسطفان أول الشهداء"  في غابة الشهيد في طبرية ـ رعشين في كسروان، كما كل سنة يوم شهداء المقاومة اللبنانية. واحتفل الآباتي إدمون رزق رئيس الرهبانية المريمية بالذبيحة الالهية يحيط به لفيف من الكهنة والرهبان، وبحضور حشد كبير من أهالي ورفاق شهداء المقاومة اللبنانية.

وشارك النائبان نديم الجمّيل وشوقي الدكاش ، الدكتور ايلي كرامة الرئيس السابق لحزب الكتائب، الدكتور فؤاد ابو ناضر القائد السابق للقوات اللبنانية، السيدة يمنى بشير الجميّل مديرة مؤسسة بشير الجميّل، المحامي شارل غسطين، ابراهيم مراد رئيس الاتحاد السرياني العالمي وقياديون سابقون في المقاومة اللبنانية، تقدمهم القادة جو إده وإبراهيم حداد (بوب) ويوسف بعقليني.

وكانت مناسبة إحتفال السنة تكريم شهداء الأشرفيّة وشهداء المطلة ـ الشوف، بلوحة تخلّد ذكراهم. وكُتب على لوحة أبناء الأشرفيّة الشهداء: "دفعنا الشهدا وحمينا القضية... تبقيّت الأشرفيّة". وكُتب على لوحة أبناء المطلة: "هللي يا نجوم الليل وطلّي... السما زادت نجومها بشهدا المطلة".

القى الأباتي رزق عظة، شدد فيها على معنى الشهادة من اجل الايمان والوطن مؤكدا أن لولا تضحيات هؤلاء الشهداء لما بقي لبنان وطن الحرية والسلام.

وكان الرفيق ابراهيم حداد منظم الاحتفال قد ألقى كلمة رحّب فيها بالحاضرين في غابة الشهيد، وفي نهاية الاحتفال عُرض فيلم وثائقي عن غابة الشهيد.

عظة الأباتي إدمون رزق في قدّاس الشهداء

" هؤلاء هم الآتونَ من الضيقِ الشديد، وقد غسلوا حُلَلَهم وبيَّضوها بدمِ الحمل" (رؤ 7/ 14)

سعادة والدة الشهيد
 معالي والد الشهيد 
فخامة أبناء وبنات الشهيد
 السادة أشقاء وشقيقات الشهيد
 سمو زوجة الشهيد
إخوتي الأحبّاء،
أبدأ كلمتي هذا المساء، بالشكر للّذين أحبّوا الله وهذه الأرض وأحبّونا نحن، حتّى ولو دون معرفة، وبـَذَلوا نفسَهم في سبيلِ أن نبقى. وشُكري هذا، إنّما هو صلاةٌ نرفعها اليوم، لنؤكِّدَ لهم بأنّنا لا زلنا نذكرُهم، وتقدِمتُهم غاليةٌ علينا، إذ سُفِكَت دماؤهم لتروي أرضَنا حُبًّا وعطاءً ونحيا نحن وتستمرُّ القضيّةُ المسيحيّةُ اللبنانيّة، قضيّةَ وجودٍ وشجاعةٍ ومثابرة ... قضيةَ حياة !
في إنجيلنا اليوم، قصّةُ السامري الصالح الّذي يتوقفُ ليمدَّ يدَ المعونةِ إلى من ليس له بقريبٍ، ولكنّ الحبَّ الّذي ينبضُ  في قلبِه يجعلُه رحومًا وكريمًا في العطاء وساهرًا على من هو بحاجة، ومُهتمًّا بصحّتِهِ وخيره إلى أبعدِ حدود، كما هو اللهُ في عنايتِهِ اللا محدودة لنا.
وإذ أذكرُ السامريَّ الصالحَ، أُذكِّرُ بأنّه لم يكُن صورةَ القريبِ المعتادة، إنّما حمل صورةَ المحبّةِ القريبة، صورةَ الله الخيِّرة ومثالَهُ في العنايةِ والسهر... لم يكن يعرف الإنسان المرمي أمامَهُ، إنّما كانت المحبّةُ الإنسانيّة تُشعُّ في نفسِهِ، المحبّةُ الّتي تتوقّف عند الآخر المحتاج والمذلول والمتروك ...
شهداؤنا، الّذين نحتفلُ بهذه الذبيحة الإلهيّة لذكراهم ولراحة نفوسهم، هم أيضًا كانوا سامريّين صالحين، شهِدوا واستُشهِدوا لهذه المحبّة " التّي تبذلُ ذاتها في سبيل من تحبّهم" لأنّهم عاشوا في الإيمان والمحبّة والرجاء، لأنّهم مسيحيّون أصيلون على صورةِ المسيح؛ وفاؤهم وفاءُ الحبيب، ودربُهم دربُ الصليب، لِذا لم يصعُب عليهم الموتُ من أجلِ خلاصِ هذه الأرض وثباتِ المسيحيّين فيها!  
منذ بدئِها، نَمَت كنيستُنا على عظامِ الشهداء وسُقيت من دمِهم، وهي كنيسةُ شهادةٍ لا تخافُ من الموتِ من أجلِ كرامةِ أبنائِها والشهادةِ للمسيح سيّدِها ورأسِها. ونحن نذكُرهم في قدّاسِنا دومًا، خاصّةً يومَ الجمعة في زمن العنصرة الّذي أشرف على نهايته، ليأتي زمن الصليب: زمن انتصار الربّ في عطائه لذاتِهِ وصليبه.  
 أتأمّلُ في هذا الحبِّ الكبير والعطاء العظيم، وأقول "طوبى لهم"، لأنّهم أظهروا لنا أنَّ الاستشهادَ من أجلِ المسييح هو شهادةٌ للمحبّةِ لا بُدَّ منها. وأنّ الانتصارَ بالصليب ليس بمخيفٍ، إنّما هو انتصارُ ملكوتِ الله في قلبِ العالم وفي ضمير الإنسانيّة.
شهداءٌ كثيرون ذُكروا في الكتاب المقدّس وفي التاريخ، وشهداءٌ كثيرون لم يُذكروا، ونحن اليوم نذكرُهم أمامَ الله، ليبقوا شفعاءَ لنا ولأرضِنا، قوّادًا في الرجاءِ والمحبّةِ والإيمان، مُصلّين لنا كي نثبُتَ في أرضِنا ونكونَ شُعلةً في دروبِ المسيحيّة. فاقبل يا ربّ صلاتَنا من أجلِ من ضحّوا بحياتهم لأجلِ اسمك ومن أجل الوجود المسيحيّ في بلادنا. كافئ تقدِمَتَهم وباركنا بشفاعتِهم ولتكنْ ذكراهم مصدرَ قوّةٍ لنا حتّى نسير على خُطاهم، لا خوفَ يردعُنا ولا قلق، في سبيلِ عيش إنجيلِكَ ونثرِ كلمتِكَ.
أدعو مسؤلي الأمَّةِ إلى الوعي والإصغاءِ لصوتِ الضمير الّذي يناديهم بدماءِ شهدائِنا، وأقولُ لهم: أنتم بحاجة إلى أن تدخلوا إلى مدرسةِ شهدائنا، لتتعلّموا: الشجاعةَ، الرجولةَ، البطولةَ، الإستقامةَ، التضحيةَ، الوطنيّةَ، الأُخوّةَ، بذلَ الذاتِ، التفاني، التجرّدَ في سبيلِ خيرِ الآخرين ... بمعنى آخر: الإنسانيّةَ ! وأن تُضيئوا شمعةً بدلَ من أن تلعنوا الظُلمة.
صلاتي إلى والدةِ الإله، سيّدة النجاة، في ليلةِ عيدِها، أن تباركَ أرضَ لبنان وتحمي عائلاتِنا من الضياع، وأن تزرعَ فينا حُبَّ اللهِ فوقَ كلِّ شيء، لنكون مثلَها حاضرينَ لنعمتِهِ، منفتحينَ لها، وأن ننمو بها، ويتأصّلَ أولادُنا وشبابُنا في الإيمانِ المستقيم والعطاءِ الكريم والتفاني من أجلِ أرضِنا والسماء. آمين.

تكريم
قدّاس الشهداء في أرض الشهداء : طبرية.
على نيّة شهدائنا الأبرار و على نيّة المقاومة اللبنانية.
الدكتور إيلي كرامة ، كرّم نبيه عطالله ، على كل جهوده المتواصلة في خدمة زحلة و الزحليين (ضمن المجلس الصحّي الكتائبي) على مدى نصف قرن ، و كذلك كرّم مناضلي طبرية و على رأسهم القائد ابراهيم حدّاد و القائد يوسف بعقليني ، و قدّم درعاً لهم تقديراً لتضحياتهم المتواصلة.
 وقال الدكتور كرامة: مناضلون أبرار في جمعية مار أسطفان و أنت رفيقي ، أسّسوا صرح طبرية لتخليد ذكرى رفاقنا الذين استشهدوا من أجل لبنان الحرية الذي أردناه.
كانوا أبطالاً حقيقين في الحرب عنوانًا للعطاء و الشرف و الوفاء.
هكذا استمروا في السلم بقيادة الرفيق ابراهيم حدّاد (بوب) الذي التزم معهم من دون ملل و ساروا معًا بالعطاء بحكمة و روح الأخوّة و المحبة.
جهودكم بلسمت جروح جميع المناضلين أيّاً كانت ميولهم و أعادت الأمل.
نحن رفاقكم نفتخر بما قمتم به ، لكم جميعًا الشكر و التحية و الإحترام.