فلّ من غير مطرود... أدوية سكري وضغط ما عنّا وخمسة أرغفة لكلّ عائلة أسبوعياً؟!

كتب الزميل أنطون الفتى في وكالة "أخبار اليوم": 

ماذا يعني أن تسقط الخطوط الحمراء المتعلّقة بالحياة، في أيّ بلد كان، وهي سقطت في لبنان بالفعل؟

فالاهتراء الحياتي وصل الى درجة أنه عند دخولك الى صيدلية لطلب شراء دواء، قد يُعاجلك الصيدلاني بالقول، "أدوية سكري وضغط وكوليسترول، ما عنّا"، وهي طريقة مُلطَّفة للقَوْل للمريض، أُخرُج، وعُدْ من حيث أتيت. 

بعيد؟

وبما أن الأمور وصلت الى تلك الحالة، نسأل عمّا إذا كان بعيداً ذلك اليوم الذي سيُصبح فيه شراء الخبز، بـ "الطوابير"، وبموجب بطاقات، تماماً كما هو حال الحصول على البنزين من المحطات حالياً؟ وهل سيتوفّر أكثر من ربطة خبز واحدة ربما، لكلّ عائلة، خلال أسبوع واحد؟ 

لعائلة واحدة

فالانتظار أمام محطات البنزين، والمعاناة من الزّحمة أمامها، وفي محيطها، باتت من المسلّمات، التي ما كان يُعتقَد قبل أقلّ من شهرَيْن أنّها ستُصبح واقعاً يومياً. وبالتالي، لا شيء يمنع من أن تُصبح الحلول لفقدان الدّواء، ومساعي توفيره مستقبلاً، "بالتراضي"، في شكل دائم.

أما من يستبعد تحوُّل الخبز الى مادّة من مواد يوم القهر والعذاب اللبناني الطويل، فقد يكون مُفيداً له تحضير ذاته لما هو أسوأ، منذ الآن، وهو إمكانيّة أن نصل الى اليوم الذي سيُسمَح فيه بالحصول على خمسة أرغفة فقط، لعائلة واحدة، أسبوعياً. و"ما في شي بعيد". 

الدّعم

لم يستبعد الخبير الإقتصادي الدكتور لويس حبيقة "الوصول الى ما هو أسوأ، على جميع الصُّعُد، انطلاقاً من أن السّلع والبضائع المدعومة، تلقى المصير نفسه، عندما يتوقّف الدّعم عنها. هذا مع العلم، أن التطمينات لا تزال تُحيط بوضع الخبز، وبعَدَم التلاعُب به، رغم كلّ شيء".

ولفت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "ما عاد بإمكان الدولة أن تُكمِل بالدّعم، ولا بدّ من ترقُّب طريقة تخفيفه، في شكل يخفّف من تبعات وقفه كلياً، دفعة واحدة. وهذا الواقع يطال عالم الأدوية أيضاً، أي ترك الدّعم على الأساسي منها، وتلك المرتبطة بالأمراض المستعصية والمزمنة، مقابل تخفيفه عن تلك التي هي غير أساسيّة". 

حماية الفقير

وعن تصنيف الدولة اللبنانية، كدولة فاشلة، بعدما بات كلّ شيء سجين البطاقات، مستقبلاً، أشار حبيقة الى أن "الدولة فشلت في عملها على أكثر من صعيد، ومنذ وقت طويل".

وأضاف:"لا يحقّ لها المساس بالاحتياطي الإلزامي، وهو أموال المواطنين، فيما أكثر ما لا بدّ من إبقائه على الطاولة، هو كيفيّة حماية المواطن الفقير الى الحدّ الأقصى، ليتمكّن من الاستمرار في تدبير أموره مستقبلاً. فحتى البطاقة التمويلية نفسها، ستموّل العائلات الفقيرة من قروض "البنك الدولي"، ويُرفَع الدّعم بموازاة اعتمادها، حتى لا تتقهقر أوضاع الفقراء أكثر". 

فَشَل

وشدّد حبيقة على أن "إعلان فشل الدول في طُرُق عملها، ليس من مهمّة المجتمع الدولي. فالأمم المتحدة تضمّ في صفوفها 193 دولة، نصفها تقريباً فاشلة، ولكن بدرجات مختلفة. وبالتالي، لا يُمكن للأمم المتحدة أن تدير الدول، ولا أن تحلّ مكان شعوبها".

وتابع في حديثه لوكالة "أخبار اليوم":"ماذا تعني عبارة دولة فاشلة؟ هذا التصنيف لا يرتبط بالأوضاع الإقتصادية أو المالية، حصراً. وهنا، لنأخذ الهند كمثال. تفشّي جائحة "كوفيد - 19" فيها، بالشّكل الذي حصل، يدلّ على أنها دولة فاشلة. والبرازيل أيضاً، مثلها، وغيرها من الأمثلة في دول أخرى أيضاً".

وختم:"الشعب اللبناني نفسه أعلن فشل الدولة اللبنانية، رسمياً، منذ انتفاضة 17 تشرين الأول 2019، بسبب الفساد، وسوء الإدارة، والفقر، والإنهيار، في كل المجالات. فماذا عن وضع الكهرباء؟ وماذا عن الإتصالات؟ وماذا عن أوضاع قطاعات أخرى؟ سمعة الدولة اللبنانية باتت في حالة سيّئة جدّاً، ولكنّ اللبنانيين لا يزالون منقسمين بين أمرَيْن، الأول هو أنهم لا يعرفون إيجاد البديل، والثاني هو عَدَم الإتّفاق على هذا البديل. ولذلك، من المرجَّح استمرار الأمور على تلك الحالة".