عوامل "داخلية" واقليمية تفرمل انبعاث "النووي"

بينما المفاوضات النووية لا تزال في مرحلة درس الردود الاميركية والايرانية على المسودة الاوروبية، يدخل اكثر من عامل اقليمي او داخلي ايراني او اميركي على الخط، لمحاولة منع اي اتفاقٍ فيه خسارة، أكان لطهران او لواشنطن او لحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية لـ"المركزية". وقد أثّرت هذه التدخلات سلبا على المفاوضات بحيث اعلن وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل امس ان ثقته تراجعت بشأن الاختتام السريع للمحادثات التي يتولى تنسيقها.

 

ففي الساعات الماضية، بدأ المتشددون في الجمهورية الاسلامية يرفعون السقف ويزايدون على ادارة الرئيس ابراهيم رئيسي، متهمين اياها بتقديم التنازلات للبيت الابيض. فقد كشف برلماني إيراني محافظ، المزيد من تفاصيل المسودة بعد التسريبات الإيرانية والأميركية والإسرائيلية خلال الفترة الأخيرة. ونقلت صحيفة "اعتماد" الإيرانية، في عددها الصادر الأحد، تصريحات للبرلماني المحافظ، علي خضريان، العضو بجبهة "بايداري" (الصمود)، المحافظة المنتقدة للاتفاق النووي، يؤكد فيها على أنَّ ما أُنجز حتى اليوم من الاتفاق لا يراعي الخطوط الحمراء الإيرانية. وأعرب خضريان عن أسفه لما يقول إنه إحالة التحقق من رفع العقوبات إلى الولايات المتحدة الأميركية نفسها وليس إيران، مشيراً إلى أنه في البند الـ18 بالملحق الثالث لمسودة الاتفاق المحتمل، تم التأكيد على أن أميركا ستصدر فقط بياناً بشأن التحقق من رفع العقوبات، وهذا ما سيعتبر على أنه تحقق "من رفع العقوبات الأميركية". وانتقد البرلماني الإيراني ما يعتبره "حجب المعلومات عن المواطنين" بشأن المفاوضات الجارية، قائلاً إنّ ذلك يحصل بينما الولايات المتحدة وأوروبا والكيان الإسرائيلي على اطلاع بما يجري. فيما رأى خضريان أنَّ مسودة الاتفاق الحالية "بالمقارنة مع الاتفاق النووي (المبرم عام 2015) لا تشكل خطوة إلى الأمام"، لافتاً إلى أنها "تتجاوز الكثير من الخطوط الحمراء التي أصر عليها سابقاً". كما أضاف، أن مسودة الاتفاق لا تراعي الخط الأحمر الإيراني بشأن التقدم والتأخر في الخطوات المتبادلة مع واشنطن، مشيراً إلى أنّ القانون الإيراني المقر عام 2020، ينص على ضرورة أن تلغي الإدارة الأميركية جميع العقوبات قبل عودة إيران عن خطواتها النووية، التي خفّضت بموجبها تعهداتها النووية المنصوص عليها بالاتفاق النووي خلال السنوات الأخيرة.

 

هذا ايرانيا. اما في واشنطن، فالكونغرس بدوره، لا يريد الاتفاق قبل الانتخابات الاميركية النصفية ويفضّل التريث فيه، كما ويطالب بالاطلاع على الاتفاق ويصر على مطلب ضرورة التزام ايران عدم التدخل لا عسكريا ولا سياسيا في شؤون دول المنطقة وميادينها.

 

ليس بعيدا، تل ابيب تضغط ايضا لاتفاقٍ يضمن مصالحها ويُبقي الجماحَ الايراني ملجوما عسكريا ونوويا. وفي هذه الخانة تصب زيارة رئيس جهاز الموساد ديفيد بارنيع الذي سيزور العاصمة الأميركية واشنطن، حيث سيشرح "موقفنا للإدارة الأميركية في ما يتعلق بالمخاطر الكامنة في الاتفاقية مع إيران"، كما اعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال الإسرائيلية يائير لابيد، الاحد.

 

كل هذه العوامل تجعل عملية التوصل الى اتفاق في فيينا، أكثر بطءا وحذرا، وتدل على ان "طبخته" لا تزال على النار ولم تنضج بعد، تختم المصادر.