عقوبات إضافية على لبنانيين.. واشنطن تعتمد القوة الناعمة

نفذت الادارة الاميركية ما وعدت به من عقوبات، مستهدفة ثلاث شخصيات جديدة، هي النائب جميل السيد وداني خوري وجهاد العرب. فما هي أبعاد هذه العقوبات التي طالت رجلي اعمال مقربين من الرئيس سعد الحريري والنائب جبران باسيل، وماذا عن توقيتها وابعادها؟ 

 

العميد الركن خالد حماده أكد لـ"المركزية" ان "العقوبات الاميركية التي طبقت على النائب جميل السيد ورجلي الاعمال اللبنانيين داني خوري وجهاد العرب تندرج ضمن السياق والمنهج الاميركي في التعاطي مع النفوذ الايراني وحلفاء ايران، سواء حلفاؤها في السياسة او أولئك المستفيدون من النفوذ الايراني في لبنان والمنطقة، وكذلك الضالعون في الفساد الاداري نتيجة الرشاوى والصلات السياسية التي تربط هؤلاء بجهات سياسية تمكنهم من الحصول على صفقات يتم من خلالها تمويل السياسيين ومنهم حزب الله وحلفاؤه".  

 

وأشار الى ان "الولايات المتحدة اختارت هذا النهج والطريقة نتيجة التجربة التي خاضتها سابقا والتي كانت تعتمد على العمليات العسكرية، إذ يظهر انها، ومنذ مدة، بدأت تعتبر من دروس الحروب التي شنتها في المنطقة سواء في العراق او افغانستان او غيرهما، بما يعني ان هناك خيارا اميركيا للاعتماد على العقوبات وعلى القوة الناعمة تحت عناوين مكافحة الفساد السياسي والمالي والارتباط بجماعات واحزاب تصنفها الولايات المتحدة ارهابية".  

 

أضاف: "طبعا لجميل السيد رمزية كبيرة، له تاريخ كبير في النظام الامني اللبناني السوري، وارتبط اسمه باغتيال الرئيس رفيق الحريري وهو على علاقة مميزة بحزب الله. كما يدرك اللبنانيون ان جميل السيد أثرى من خلال استثمار منصبه كجزء من نظام الامن اللبناني السوري، وفي ما بعد في الامن العام اللبناني خلال ولاية الرئيس اميل لحود واستمرار دور السيد في المنظومة الامنية، ولاحقا عندما اصبح نائبا في البرلمان على علاقة وطيدة بحزب الله. اذا جميل السيد فاسد على المستوى المالي والسياسي وله ارتباطات مشبوهة، وربما ستتكشف في يوم من الايام تفاصيل كثيرة، لكن ما يعرفه اللبنانيون عن جميل السيد هو ثراؤه السريع وقدرته على التأثير في تشكيل الحكومات، ورأينا دوره في تشكيل حكومة حسان دياب حتى قيل انها حكومة حزب الله وجميل السيد في الوقت نفسه. يمتلك السيد ملفات كثيرة على عدد كبير من السياسيين تسمح له بابتزازهم وباستمرار هذا الابتزاز بحماية النظام الامني السوري وما تبقى منه وكذلك حماية حزب الله". 

 

وتابع حماده: "اما في ما يتعلق بداني خوري وجهاد العرب فاعتقد ان لا مجال لأن ينكر اي من اللبنانيين مدى فساد هذين الشخصين، فاللبنانيون جميعا يعرفون كيف أثرى جهاد العرب وكيف ترسو عليه المناقصات بأسعار خيالية، وكذلك داني خوري الذي يرتبط مباشرة بجبران باسيل، وعندما نقول انه يرتبط بباسيل نعني أنه المسؤول عن جزء كبير من الفساد والافلاس اللبناني، ورأينا ذلك في السدود وفي قطاع الكهرباء والطاقة وفي صفقات اخرى كالتجنيس وسواها. داني خوري هو رجل اعمال ومقاول على علاقة قوية بباسيل منذ ايام الدراسة في الجامعة وربما هو احد الوجوه التي تغطي المال السياسي لجبران باسيل وحلفائه. شبكة المال السياسي في لبنان واحدة، والموضوع نفسه ينسحب على جهاد العرب الذي يرتبط اسمه بمشاريع بنى تحتية ومشاريع انشائية في لبنان ومقاولات من مختلف الاصناف، وكذلك يدرك اللبنانيون هذا الصعود الصاروخي وهذا الثراء جعل جهاد العرب اكثر ثراء من أبناء رفيق الحريري وطبعا من سعد الحريري". 

 

أما في القراءة السياسية والامنية للعقوبات، فاعتبر حماده "انه فصل جديد وان الولايات المتحدة دخلت المعترك اللبناني هذه المرة بشكل حقيقي عن طريق اصدار عقوبات على هذه الشخصيات الثلاث وطبعا هذا لن يكون الفصل الاخير في اصدار عقوبات او وضع شخصيات لبنانية سياسية او اقتصادية او رجال اعمال وربما مصرفيين لاحقا ضمن لائحة العقوبات. وهذا يعني اننا دخلنا دائرة العقوبات بشكل جدي". 

 

أضاف: "بالمناسبة لا يمكن فصل هذه العقوبات عن الاجراءات التي اتخذتها المملكة العربية السعودية على صعيد اقفال الـ mbc في لبنان وهذا يعتبر جزءا من العقوبات الاقتصادية على لبنان اثر المواقف التي اتخذها سياسيون لبنانيون وآخرهم الوزير جورج قرداحي بتصريحاته التي تبرر اعتداءات الحوثيين على المملكة العربية السعودية او  تلك المؤيدة للنظام السوري، وكذلك لا يمكن فصلها عن الاجراء الذي اتخذته السعودية في ما يتعلق بجمعية القرض الحسن والتي سبق ان فُتح ملفها في الاعلام، باعتبارها احدى المؤسسات الممولة لانشطة حزب الله. هناك مشهد واحد لهذه العقوبات تتعاون عليه الولايات المتحدة وكل الدول الاقليمية التي اعلنت مواقفها بالتصدي لأنشطة طهران، ولأنشطة حزب الله في المنطقة ولكل ما يمت بصلة الى تمويل هذه الميليشيات. فهذا المشهد، في السياسة، متكامل، العقوبات الاميركية والعقوبات الخليجية، وقد يكون ذلك على المستوى الابعد من ضمن السياسة الاميركية التي تتضح معالمها يوما بعد يوم بمواجهة العجز الحكومي اللبناني سواء في التعامل القضائي او في التعامل السياسي مع المحقق طارق البيطار في عملية تفجير مرفأ بيروت او في ملفات اخرى كأحداث الطيونة وما شابه ذلك".  

 

وختم حماده: "هناك نوع من فقدان الامل بشكل نهائي بهذه القيادة السياسية وهناك اصرار على تضييق الخناق على هذه الطبقة السياسية وعلى النفوذ الايراني في لبنان حتى ولو دفع اللبنانيون بمجملهم او ما تبقى من ادارات في لبنان او ما تبقى من معالم الدولة في لبنان، ثمن هذه السياسة".