طفيل "تي غوندي" يزيد من خطر الإصابة بمرض الفصام في الشخصيّة

يعتبر الفصام اضطرابا نفسيا يتميز بالانقطاع عن الواقع والهلوسة بأمور تبدو حقيقية، لكنها من انتاج العقل وليست موجودة فعلا، وتخيل سماع أصوات غير واقعية والايمان بمعتقدات وهمية كاذبة او خاطئة، الى جانب ان المصاب يصبح لديه تفكير وسلوك غير طبيعيين، ويعاني من ضعف الطاقة وفقدان الدافع وقلة التعبير عن المشاعر، وأسباب أخرى قد تؤدي الى انكماش الوظائف العقلية والادراكية، لذلك يتكبّد مشاكل في التصرفات والأداء اليومي، سواء في العمل او المنزل والعلاقات الاجتماعية.


ووفقا لدراسات علمية، فإن الفصام أكثر شيوعا من داء الزهايمر والتصلب المتعدد، كما يمكن للعديد من الاسقام بما في ذلك اضطرابات الغدة الدرقية، والنوبات العصبية واورام المخ والاضطرابات الدماغية، ان تسبب اعراضا مماثلة لتلك التي يسببها الفصام.

عوامل غامضة

وفي الإطار، لفتت الأبحاث الى ان الأسباب الاكيدة للإصابة بهذا المرض لا تزال هجينة، لكن العمليات المنطقية والفكرية الحديثة، التي وضعت بعض الفرضيات تشير الى وجود مجموعة من العوامل الوراثية والبيئية.

وفي هذا الخصوص قالت الاختصاصية النفسية غنوة يونس لـ "الديار": " يولد الفصام بشكل رئيسي من مشكلة بيولوجية تتضمن تبدلات جزيئية ووظيفية في الدماغ، وتلعب الصدمات النفسية الجسيمة في الحياة دورا محفزا للإصابة، الى جانب الاستعداد الوراثي، والمشاكل التي حدثت اثناء الولادة او قبل مثل، نقص الاوكسجين او عدم توافق زمرة دم الام مع فئة دم الوليد، وعوامل أخرى تجعل الأشخاص عرضة للفصام".

دراسة تؤكد فرضية الإصابة بالفصام

على خط بحثي متصل، توصل الباحثون من جامعة "كوينز لاند" في اوستراليا، خلال مراجعة جديدة لـ 17 دراسة نشرت على مدار 44 عاما، "الى أن امتلاك قطة كحيوان اليف يمكن ان يزيد خطر تعرّض الشخص لاضطرابات متعلقة بالفصام، وفق ما ذكره موقع "ساينس الرت". وقد أجرى العلماء تحليلا لتلك الأبحاث من 11 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة الاميركية والمملكة المتحدة، ووجدوا ان تربية القطط يضاعف من خطر الإصابة بهذا الداء، نتيجة عدوى طفيلية اسمها "المقوسة الغوندية" او طفيل "تي غوندي" وداء المقوسات هذا قائم في القطط.

 

هذا، وقد وجدت الدراسة ان هذا الطفيل وحيد الخلية، يكثر وجوده في براز هذه الحيوانات، بالرغم من انه لا يعاني معظم المصابين به من مشكلات صحية بارزة، كما ان هذه العلة مرتبطة بأدوار نفسية مثل "الشيزوفرانيا". وقال كبير معدي الدراسة الدكتور تيودور بوستولاتشي، أستاذ مساعد في الطب النفسي بكلية ميريلاند للطب في اميركا، "لا يمكننا الجزم بأن هذا الطفيل يجعل النساء يحاولن الانتحار، ولكننا وجدنا بالفعل ترابطا للتكهن بين العدوى ومحاولات الانتحار".

الجدير ذكره، ان البيانات العلمية اشارت الى ان العدوى الطفيلية يمكن ان تدخل جسم الانسان عن طريق العض او الخدش، او عند ملامسة براز هرة مصابة او قط مصاب، فيتسلل الطفيلي الى الجهاز العصبي المركزي للإنسان ويزعزع الناقلات العصبية، مما يؤدي الى بروز اعراض ذهنية واضطرابات نفسية مثل الفصام.

وفي مجال متصل، توصلت دراسة أخرى في الولايات المتحدة الاميركية اختبرت على نحو 354 طالبا في قسم علم النفس، لم تجد صلة بين امتلاك القطط والاصابة بمرض الفصام، الا الذين تعرضوا لخدش او عضة قطة ،كانت درجاتهم اعلى مقياس الفصام عند مقارنتهم بأولئك الذين لم يتعرضوا للعض او "الخربشة". واتفق الأطباء على ان هناك حاجة الى اجراء بحث اشمل وأكثر تفصيلا، قبل ان يتمكنوا من انجاز أي استنتاجات ثابتة".

لتربية القطط منافع... ولكن!

وفي هذا الخصوص، أوضحت يونس لـ "الديار" ان "دراسة حديثة أفادت ان لتربية القطط فوائد جمة ،حيث تساعد الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب او الحزن في دحر هذه الاختلاجات، لان القطط تفرز ما يعرف بهرمون "الاوكسيتوسين"، وهو هرمون يثير تحريك مشاعر الحب والثقة. لذلك تعتبر هذه الحيوانات الاليفة المفضلة للأطفال المصابين بمرض التوحد، كما انها تخفف من اعراضه لديهم".

خرخرة الهرة بلسم!

وفي إطار متصل، اثبتت دراسة اجراها معهد "مايو كلينيك" ان "41 في المئة من الأشخاص الذين يقومون بتربية قطة قالوا انهم ينامون بشكل أعمق، ويعود الفضل في ذلك لحيوانهم الاليف. أيضا القطط تقلل من مخاطر الإصابة بأمراض القلب بمعدل 30 في المئة، بما في ذلك السكتة الدماغية، لأنها تساعد في التخفيف من القلق.

ويجمع الباحثون في هذا الموضوع على ان التعرض لوبر وجلد هذه الحيوانات الاليفة، يضاعف من مقاومة المواد المسببة للحساسية ويرفع المناعة الذاتية، طبعا شرط ان يكون الحيوان نظيفاً وبعيداً عن الملوثات والتلطخات الخارجية. بالإضافة الى ان خرخرة القط علاج قائم بحد ذاته، والذي يصل تردد اهتزازه ما بين 20 الى 140 هرتز، وتعتبر خرخرة القطط أحد أكثر الأصوات راحة في العالم، ويقال ان الترددات في نطاق 18 – 35 هرتز تساعد في عملية تحريك المفاصل، ولها تأثير إيجابي وجيد.