صناديق المدارس ودولاراتها: المماطلة لفرض أمر واقع على الأهل

رغم الوقت الداهم لبدء العام الدراسي المقبل، وبعدما حصّلت غالبية المدارس الخاصة جزءاً من أقساطها بالدولار النقدي، لم تحدد وزارة التربية أي موعد لنقاش مشروع القانون الذي عرضه وزير التربية عباس الحلبي على مكونات الأسرة التربوية (لجان الأهل واتحاد المدارس ورابطة المعلمين).

أبرز النقاط الواردة في المشروع تتمحور حول إقرار مبدأ التدقيق المالي بموازنات المدارس ورفض تحصيل الأقساط بالدولار. وهذان الأمران مرفوضان من المدارس، المصرّة على الصناديق المستقلة لجمع الأموال فيها من دون إدخالها في الموازنات. وهو ما سبّب تأخير موعد اجتماع المكونات التربوية، كما تؤكد مصادر مطلعة على النقاشات، مشيرة إلى أن المماطلة تأتي لصالح المدارس التي أنشأت الصناديق المستقلة من خارج الموازنة المدرسية. فقد فرضت على الأهل أمراً واقعاً بدفع ألاقساط بالدولار، وكل تأخير في التوصل إلى حلول مشتركة، يكون في صالحها.

رفض التدقيق المالي
فلماذا يرفض اتحاد المدارس التدقيق المالي المستقل بالموازنات المدرسية؟ سؤال أساسي لتأمين مبدأ الشفافية لعدم تكبيد أهالي الطلاب كلفة مالية في ظل الظروف الراهنة، طرحته "المدن" على رئيس اتحاد المدارس الخاصة وأمين عام المدارس الكاثوليكية الأب يوسف نصر.
رد نصر عازيًا الرفض إلى "حرصهم على دور لجنة الأهل. فتعيين خبير مستقل يضع التقرير المالي يلغي دور لجنة الأهل. فالقانون 515 واضح ويعطي الدور للجنة الأهل بالرقابة على موازنة المدرسة. ونحن نلتزم به. لكن سنبحث هذا الأمر مع وزارة التربية قريباً ومع لجان الأهل"، كما قال.

صناديق بيضاء لا سوداء
لجان الأهل أكدت أنها ترضى بالزيادات على الأقساط وبتحديدها على سعر صرف الدولار في السوق السوداء، لكن بشرط إدخالها في الميزانية. فلماذا تصرّ المدارس على الصناديق المستقلة؟ نسأل الأب نصر، فيجيب: "نحن ملتزمون بالقانون 515 الذي قر أن الأقساط بالليرة اللبنانية. ولكن القانون بشكله الحالي لا يشكل حلاً للأزمة التي يعيشها القطاع التربوي. فإما أن يعدل القانون بطريقة تحل الأزمة الحالية، أو في ظل الوقت الداهم سنكون مضطرين لإيجاد حل آخر".

وأضاف: "الحل ليس بإنشاء الصناديق (يطلقون عليها صفات الصناديق السوداء وغيرها من الصفات، بينما هي صناديق بيضاء، كما قال)، لكنها ظرفية ومرحلية لحين إيجاد حل قانوني يلتزم به كل أطراف الأسرة التربوية. وهي صناديق توضع فيها الأموال المحصلة من الأهل والمساعدات والتبرعات والهبات، وتنفق تحت إدارة المدرسة وبعلم لجان الأهل وتحت إشراف الهيئات التعليمية".

ولدى سؤالنا نصر عن مدى قبول الاتحاد بمشروع القانون الذي اقترحه وزير التربية، أجاب : "سنناقش هذا القانون قريباً، وندلي بموقفنا منه. لقد قدمنا ملاحظات عدة عليه. قد يكون فيه بعض الأمور الإيجابية، لكن كما عرض علينا لا يمكن القبول به. لأنه يجب أن يأخذ بالاعتبار ما تمر به المؤسسات التربوية من مشاكل".

كلفة الضرورة للمدرسة
بدوره أمين عام المدارس الانجيلية نبيل اسطا يشير إلى أن رفض التدقيق متعلق بالوقت الداهم. واعتبر أن دخول المدقق مع لجان الأهل في كل شاردة وواردة في الميزانية والقيام بدور الرقيب على المدرس أمر مرفوض. فلا مشكلة في التدقيق بل في التعامل مع المدارس وأجواء التشكيك بها.

وأضاف أن الموازنة المدرسية بما يتعلق بالمدارس الانجيلية باتت واضحة جداً. فهي لا تشمل بدلات صاحب الرخصة والايجارات. بل تقتصر على الأمور الضرورية. ففي مدرسة مؤلفة من 1350 تلميذ و180 موظفاً، كلفة التشغيل تصل إلى 322 ألف دولار. فكلفة المازوت حوالى مئة ألف دولار و55 ألف دولار مساعدات اجتماعية للأساتذة، وتنظيف نحو 20 ألف دولار وصيانة 25 ألف دولار والتأمين الصحي 22ألف دولار ولوجستيات تقنية للبرامج المعلوماتية 22 ألف دولار، واشتراك الانترنت 12 ألف دولار... وفي حال أخذت المدرسة 500 دولار سنوياً من الأهل سنوياً ستبقى الخسارة بنحو 142 دولاراً عن كل طالب. ما يعني أن المدرسة لا يمكن أن تعمل ككلفة حقيقة من دون الحصول على ما بين 700 و800 دولار سنوياً.

لا يريدون الالتزام بالقانون
لكن ما المشكلة إذا أخذت المدرسة هذه المبلغ وادخلته في الموازنة؟ يجيب اسطا: "رأيي الشخصي لا أمانع أبداً من ادخال هذه الأمور في الميزانية. لكن الميزانية توضع بالليرة اللبنانية".

ولماذا تدخل الدولارات على سعر الصرف في السوق السوداء؟ فيقول: "لن نعمل كصرافين. ولن ندخل في سعر الصرف الذي يتبدل بين يوم وضحاه. الأهل يحملون القانون 515 كأنه كتاب منزل أو ميثاق الأمم المتحدة. فبأي قانون أخذت المصارف أموالنا؟ ما قيمة القانون؟ القوانين بلا تطبيق تفقد معناها".

رئيسة اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور لما الطويل تعتبر أن ما يقوله الأب نصر عن التزامه بالقانون 515 مجرد كلام. لو كانوا كذلك، كيف يبررون الزيادات التي يقومون بها والمخالفة للقانون 515؟ تسأل الطويل وتضيف: "يقومون بزيادات حتى قبل وضع ميزانيات المدارس، فكيف يلتزمون بالقانون إذا؟".

بالنسبة للطويل فقط الالتزام بالقانون يحل الأزمة الحالية، بخلاف ما يقولون. القانون بحاجة إلى تعديل بسيط لا إلى نسفه. ويمكن تشريع هذا التعديل في مجلس النواب لإدخال كل الزيادات المطلوبة في أبواب الميزانية، في حال كانت مبررة.

لا دفع للأقساط بلا خبير محلف
أضافت انهم لا يعترضون على أي زيادة مهما كانت شرط تبريرها. وعندما تتخطى النسب المنصوص عليها في القانون فهي تحتاج إلى خبير محلف للتدقيق وبطلب من وزارة التربية. والزيادات التي تفرضها الوقائع على الأرض يمكن قوننتها. لكنهم يتهربون من الرقابة.

وشددت على أنه "عندما تستحق الزيادة لا يمكن للمدرسة عدم فرضها، لكن يجب أن يقر الخبير المحلف بأن هذه الزيادات مبررة كي تستمر المدرسة بالقيام بدورها". وتسال "لماذا يهربون من القانون؟ 

ووفق الطويل للجان الأهل ملاحظات بسيطة على مشروع القانون الذي قدمه وزير التربية. وعلى المدارس قبول أن الأهل شركاء في الإدارة المالية للمدارس. وعلى الجميع الجلوس للتفاوض شرط أن تكون كل الأمور ضمن القانون. وأي حل من خارج القانون مرفوض ويجبر أهالي الطلاب على عدم دفع الأقساط.