"صعود" ملفّات الداخل تحت وطأة استحقاقات أيلول

لعلّ الداخل السياسي اللبناني كان ينتظر من يحفّزه على الاستفاقة على ملفات الأزمات الداخلية المعقدة والمركبة والمتراكمة الطبقات، فجاءت "عودة" التحركات الاحتجاجية للمودعين تذكيراً بكارثتهم لتشكل إحدى السبل الممكنة لهذه الاستفاقة. ذلك أنه عشية أيلول الاستحقاقات التربوية والمعيشية والاجتماعية الضاغطة، ناهيك عن أزمة الفراغ الرئاسي المستفحلة، لا تزال البلاد ترزح تحت طغيان ساحق للملف الميداني المتمثل بالمواجهات في الجنوب بين "حزب الله" وإسرائيل منذ 11 شهراً، ولا تظهر مؤشرات جدية كافية على إمكان "العودة" إلى الداخل وملفاته ولو تواترت في الأيام الأخيرة بعض المعالم الخجولة في موضوع الملف الرئاسي التي لا تستند بعد إلى معطيات جدية.

واستبعدت مصادر سياسية معنية حصول أي تحريك جدي للملف قبل جلاء مصير الحالة "التعبوية" الحربية التي لا تزال تطغى على الوضع في المنطقة، ولو أن "قطوع" الحرب الواسعة بين إسرائيل و"حزب الله" يبدو كأنه مرّ أو صار مستبعداً في الظروف الحالية على الأقل، ولكن ذلك لا يكفي لتبديد القلق والانشداد وسط تواصل المواجهات التي تبقي التصعيد وارداً في أي لحظة، كما أن عودة التعويل على إحياء المبادرة الفرنسية في الملف الرئاسي ستنتظر بدورها انتهاء أزمة تكليف الشخصية التي ستشكل الحكومة الجديدة في فرنسا وليس قبل ذلك.

ومن المتوقع أن تكتسب الكلمة التي سيوجّهها رئيس مجلس النواب نبيه بري غداً السبت في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر دلالات بارزة لجهة موقفه من الوضع الميداني في الجنوب وتنفيذ القرار 1701 بعد التطورات الأخيرة، كما من الأزمة الرئاسية التي يتوقع مطلعون أن يكون لبري موقفاً متطوراً منها بعد طول ترقب التزمه في الفترة الأخيرة.

الرئاسة في تحركات

اما على صعيد التحركات المتصلة بالأزمة الرئاسية، فالتقى مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى السفير المصري علاء موسى وتناول البحث ما يحدث في غزة وتأثيره على لبنان وجبهة الجنوب، وأوضح السفير أننا "تناولنا أهمية إعادة الزخم مرة أخرى الى الملف الرئاسي، واتفقنا على أهمية هذا الملف، وأنه بحاجة للتعامل معه بسرعة لأن التحديات المقبلة كبيرة للبنان ولكل المنطقة أيضاً، وبالتالي من الأولى أن يتعامل لبنان مع ملفاته الداخلية لكي تؤهله لمواجهة هذه التحديات واتفقنا على أنه في الفترة المقبلة سيتم إعادة الزخم في ما يخص الملف الرئاسي وإن كنا نحن كخماسية أو حتى أعضاء الخماسية يولون أهمية كبيرة لهذا الملف، وطبعاً ما حدث في المنطقة وجبهة الجنوب طغيا على هذه الأمور، لكن هذا لا يعني أن هذه الأمور على أهميتها لا نبحث فيها، وإن شاء الله الفترة المقبلة تشهد المزيد من التحرك الإيجابي في هذا الملف"، داعيا" الأطراف اللبنانية الى التجاوب مع هذا المسعى". وقال: "الامر بات ملحاً لإحداث شيء ملموس في هذا الملف، وعسى الفترة المقبلة نجد سبيلاً لإعادة الحوار مرة أخرى حول هذا الملف، والبحث في التفاصيل وصولاً لشيء ملموس لانتخاب رئيس جديد للجمهورية".

وفي السياق الرئاسي أيضاً وخلال زيارة راعوية قام بها أمس لمنطقة دير الاحمر، قال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي: "يوماً ما ستنتهي الحرب، وسيكون لدينا رئيس للجمهورية وتستقر الأمور، وهناك مساع حثيثة لانتخاب رئيس للبنان، ورجاؤنا كبير بأن تعود الحياة الطبيعية إلى لبنان، وتنتهي الحرب، وتنتهي المأساة التي نعيشها".

وتابع: "أنتم في دير الأحمر عشتم مشاكل وظروفا صعبة، وبعد ذلك عاشت دير الأحمر بفضل سيدة البرج التي صانت هذه البلدة، ورجاؤنا لا يتزحزح أبداً لا بالمسيح القائم من الموت، ولا بسيدة لبنان وبطوباويينا، وسنبقى ننظر إلى الأمام بالرغم من الإمكانات الضعيفة".