سامي طراد الذي أتمّ آلاف الولادات يولد في دنيا الحق

سخّر حياته لكي يؤمن مرور الأطفال من عالم التكوين إلى بر الأمان في رحلة الولادة، هو العبقري في مهنته الذي ذاع صيته في أرجاء العالم، رفع اسم لبنان الذي أحبه حب عاشق ولهان وفيه أمضى معظم حياته حتى عانق ترابه.

جده متري ابراهيم طراد غادر بيروت إلى القسطنطينية عام 1890 حيث تبوأ مركز حاكم المصرف المركزي وحيث تزوج بأميرة أرمنية وأنجب منها عام 1894 فؤاد، والد الدكتور سامي طراد، لكن عام 1914 قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى عاد وعائلته إلى مسقط رأس العائلة بيروت في شارع نجيب طراد.

وفي العام 1929 ولد سامي طراد ابن وحيد للدكتور المتخصص في الطب النسائي والتوليد فؤاد طراد، وقد أبصر النور في الشهر السادس من الحمل وهو يزن أقل من كيلوغرام واحدٍ.

عام 1939 دشن والد الدكتور سامي طراد الدكتور فؤاد، مستشفى الولادة المتخصص في عاليه وفي بيروت، وسرعان ما حاز على شهرة كبيرة جذبت إليه أبناء الطبقة الغنية وأبرز وجوه المجتمع في ذلك الحين، كما أبرز الشخصيات في الخليج العربي والمنطقة المحيطة بلبنان، منها على سبيل الذكر الرئيس السوري شكري قوتلي.

 في أواخر الخمسينات أنهى سامي طراد دراسته في الطب في الجامعة الأميركية في بيروت وتخصصه في لندن وفيينا، وبدأ تعاونا مهنيا مع أبيه.

عام 1961 بدأ الدكتور سامي طراد طريقة جديدة في الولادة ابتكرها هو، ضمن "الولادة من دون وجع"، أسلوب خاص به يعتمد على حقن خليط من الأدوية في الأوعية الدموية للمرأة التي تشارف على الولادة، TAC (TRAD ANALGESIC COCKTAIL) لتهدئتها واتمام الولادة من دون وجع، وقد اعتمد هذا الأسلوب بزهاء 10000 عملية ولادة حتى اعتزاله العمليات في العام 2002.

طور مستشفى طراد وحوله من مستشفى ولادة إلى مستشفى مستوف كل الشروط لخدمة جميع المرضى. تألق في عمله وبنى علاقات واسعة.

رب أسرة تميز بحنان الأب المعطاء الذي كرس كل طاقته لعائلته فكان الحاضن والصديق لأولاده  ومنهم ابن زوجته مدير متحف الإستقلال جوي حمصي الذي يروي عن الدكتور سامي طراد ما يتمنى أي إنسان أن يجده في الحضن العائلي الذي يظلله.

نجا من جميع محاولات الإحراج للإخراج من المنطقة في زمن اللادولة، وأصر على البقاء في قلب العاصمة ايمانا منه بوحدة هذا البلد وبأنه منارة الشرق لناحية ابداع أبنائه.

له باع في القطاع الاكاديمي حيث نقل جزءا من خبرته للأجيال الجديدة. إضافة إلى الطب هو شاعر وله أعمال شعرية عدة باللغة الفرنسية التي يتقنها منذ نعومة الأظافر.

بخسارة الدكتور سامي طراد يفقد لبنان واحدا من أعلامه الذي إذا ما قيل عن لبنان العصر الذهبي يذكر اسمه كأحد صانعيه.