حزب الله يستدرج التدخلات الدولية

من جهة ثانية انبرى امين عام حزب الله واضعا نفسه خط الدفاع الاول بوجه الثورة، رغم انها لم تتطرق حتى الساعة الى نفوذه وسلاحه ولم يلعب الثوار اي لعبة تدل الى تدخلات اجنبية او اي اتجاه لتنفيذ املاءات السفراء. مع وصول العماد عون الى الرئاسة انتقل لبنان من موقعه المحايد الى صلب دول الممانعة، وبات يعتبره المجتمع الدولي ضاحية جديدة من ضواحي طهران في المنطقة.
تموضع لبنان الجديد انعكس سلبا على موقعه الدولي، فتقلص الاصدقاء وازداد الخصوم، وتم تجميد مؤتمر "سيدر" بحجة الاصلاحات ومكافحة الفساد بينما في الواقع تم تجميدها لان الاقتصاد اللبناني بأمس الحاجة الى تلك المليارات لاعادة تحريك عجلات اقتصاده التي بدأت بالركود. داخليا اتت شرارة الانفجار عبر قرار محلي بزيادة تعرفة الواتساب فإنطلقت ثورة بريئة عنوانها اقتصادي ومضمونها معيشي محض. حزب الله ضابط الايقاع السياسي في لبنان لم يتلقف تلك الاشارة او الثورة وعوض الدخول فيها وتبنيها، علما انه سبق وتعهد بمكافحة الفساد، تصدى لها وقمع الثوار في مناطق نفوذه في هدف واضح شيطنتها.
استقالة الحريري واصراره على تشكيل حكومة تكنوقراط دليل الى انه تلقف الاشارات الدولية، بينما خط الممانعة يصر على تشكيل حكومة تكنوسياسية، بإختصار المشهد لا لحكومة تضم حزب الله واي مكون سياسي قريب منه، وبين مشهد حكومة لا يتمثل فيها احزاب السلطة في لبنان، مصادر فرنسية مطلعة اكدت ان الاسبوع المقبل اسبوع مصيري على لبنان، من جهتها نقلت المؤسسة اللبنانية للارسال امس خبرا مفاده نية مجلس الامن الانعقاد لبحث مسألة تطبيق القرار 1559 بالحد الاقصى او 1701 بحذافيره اي المزيد من تضييق الخناق على حزب الله في عقر داره (لبنان)، بما معناه ان للمجتمع الدولي نوايا مبيتة لاستغلال الثورة اللبنانية وكأنه سيسعى لوضع بين خيارين اما الجوع والفقر او سلاح حزب الله، وهو امر مرفوض شكلا ومضمونا، الثورة بددأت شرارتها لبنانياً وعلى احزاب السلطة تجنيب لبنان التدخلات الدولية وعليهم الانصياع الى مطالب الشعب حصرأ.
قد يكون كلام السيد حسن نصرالله بضرورة البحث عن تموضع اقتصادي جديد واشارته الى منع دول مثل الصين من مساعدة لبنان اشارة واضحة ان حزب الله يدرك ان الخناق بدأ يشتدد عليه، وهنا السؤال مشروع اذا كان حزب الله مدركا لكل تلك الاشارات لماذا لم يفشل المخطط بالانضمام الى مطالب الثورة؟ وهل كان سيستمر المجتمع الدولي بمطالبه لو ادرك ان تلك الثورة الشعبية العارمة في بيروت ستؤدي الى امساك حزب الله اكثر واكثر بمفاصل الحكم في بيروت؟
نائب الامين العام لحزب الله نعيم قاسم، استشهد بكلام السفير الاميركي السابق في بيروت جيفري فيلتمان، مؤكدا ان استمرار التدخل الاميركي يؤخر ولادة الحكومة، متنصلا من المسؤولية الاساسية التي يتحمل حزب الله مسؤوليتها المباشرة.
للحقيقة حزب الله "مخنوق" بموضوع الثورة، وجميع التحاليل تؤكد عن نيته القيام بعملية امنية او سياسية او اجتماعية تقلب موازين القوى وتخنق الثورة في مهدها. وربما ايضا يريد حزب الله استدراج التدخلات الدولية الى الساحة اللبنانية الملتهبة و"تمييعها" بطرقه اللبنانية حتى تأتي ساعة "الفرج" بإتفاق فارسي اميركي. تكهنات كثيرة لكن الاكيد ان حزب الله المتفاجىء بثورة لم يكن يتوقعها في هذا التوقيت بعد تموضع وانخراط معظم احزاب السلطة في حكومة الوحدة الوطنية.