حزب الله يدّخر غضبه... يا صمتي يا معذّبني يا بركان من الأسرار

هو الإعتصام نفسه بـ "استراتيجية الصّمت"، يثبُت "حزب الله" به، وبات ملفتاً جداً رغم مرور أسبوع على إعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري التوصُّل إلى اتفاق إطار لترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان وإسرائيل، عبر مفاوضات غير مباشرة، بوساطة أميركية ورعاية من جانب الأمم المتحدة.

فرغم الثّقة الكبيرة التي تحكم العلاقة بين الطرفَيْن، إلا أن تلك نفسها لا تمنع صدور موقف عن "حزب الله"، يعتمد على لغة العقل والمنطق والإقناع التي لطالما تفاخَر "الحزب" بأنه يُخاطب بيئته والشعب اللبناني بواسطتها. 

"ترسيمي"

وانطلاقاً ممّا سبق، لا بدّ من التوقُّف أمام الصّمت "الترسيمي" الذي يتبعه "حزب الله" حالياً، وهو يُكمل حلقات سلسلة استراتيجية صمته منذ أشهر، لا سيّما في ما يتعلّق بأحداث أمنية غامضة حصلت في إيران، مروراً بالأحداث الأمنية الغامضة على الحدود الجنوبية للبنان خلال الصيف الفائت أيضاً، وصولاً الى ملفات المحكمة الدولية الخاصّة بلبنان، وما حصل في عين قانا. 

مشفَّرَة

أوضح مصدر قريب من الضاحية الجنوبية أن "حزب الله" لا يجد أي داعٍ للحديث عن اتفاق الإطار للترسيم الحدودي، بسبب ثقته بالرئيس بري وبدوره كمؤتَمَن على هذا الملف لسنوات. وما أسّسه رئيس المجلس في هذا الإطار سيتحكّم بالعمل على هذا الملف مستقبلاً".

وأشار في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" الى أن "الحزب" يدرك جيداً أن المفاوضات تشكّل مساراً طويلاً، وهو ما يُلغي الحاجة الى رسم خطوط منذ الآن، إذ إن لا معادلات جديدة ستظهر قريباً، فيما الكلام الجدّي لم يبدأ بَعْد".

وردّاً على سؤال حول أسباب صمت "حزب الله" على ملفات كثيرة، منذ أشهر، ولا سيّما في ما يتعلّق بالأمنية منها، المرتبطة بالصّراع مع إسرائيل، أجاب:"صدرت مواقف حول تلك الملفات كلّها، على لسان كبار القياديّين في "الحزب"، ولكنّها أتت على شكل رسائل مشفَّرَة، تخرج من إطار التوجُّه المباشر. وكلّ ما أراد "الحزب" إيصاله وصل بالفعل، والى كلّ من يعنيهم الأمر". 

الصّفوف الأولى

وحول آفاق الملف الحكومي في المرحلة القادمة، بعد إفشال المبادرة الفرنسية بسبب تمسُّك "الثنائي الشيعي" بحقيبة المالية، وبتسمية الوزراء الشيعة، قال المصدر:"بعد الإعلان عن اتفاق إطار لترسيم الحدود جنوباً بمفاوضات غير مباشرة، ستحتلّ السياسة الخارجية والمالية والإقتصادية الصّفوف الأولى في اهتمامات الجميع".

وأضاف:"لن تقف الأمور عند حدود ملف واحد فقط، انطلاقاً من أننا وسط ظروف إستثنائية ومتسارعة محلياً وإقليمياً".

وختم:"لا شيء سيعطّل الإهتمام بالملفات المعيشية والإجتماعية داخلياً. فترسيم الحدود وتأكيد حقوق لبنان، هما موضع متابعة لبنانية - دولية، إذ ستقوم الأمم المتحدة برعاية التفاوُض غير المباشر، ليتمّ إيداع المحاضر لديها. أما الوسيط الأميركي، فلا مشكلة في دوره طالما أنه تعهد بأن يكون نزيهاً. والمرحلة القادمة هي التي ستكشف إمكانيات تحقيق تقدّم على هذا المستوى أو لا، بما يتناسب مع المصلحة اللبنانية العليا".