بركة اليمونة تهدّد 40 بلدة بما بعد كورونا!

أكثر من 200 ألف نسمة في قرى غربي بعلبك على «موعد» مع أمراض لا تقل خطورة عن فيروس «كورونا»، بدءاً بالتيفوئيد وليس انتهاءً بالصفيري وشلل الأطفال. إذ إن بركة اليمونة، المصدر الرئيس الذي يزوّد أكثر من 40 بلدة وقرية بمياه الشفة، ملوثة بالمياه المبتذلة نتيجة عدم استكمال أشغال شبكة الصرف الصحي، وعدم تشغيل محطتي الضخ والتكرير بسبب أزمة الدولار ولعيوب تشوب التنفيذ.
بلدية اليمونة ناشدت، منذ أشهر، وزارة الطاقة والمياه رفع الضرر مخافة تفشي الأمراض بين أهالي القرى التي تعتمد بشكل رئيسي على مياه البركة، أو ما بات يعرف باسم سد اليمونة، «من دون أن نجد آذاناً صاغية»، بحسب رئيسها طلال شريف.
السد الذي كان بمثابة حلم تحوّل، بسبب عدم تأهيل الشبكات ومحطات التكرير، الى كابوس يؤرق أبناء قرى دير الأحمر ودار الواسعة وشليفا وبوداي وقرى بيت مشيك والسعيدة، وصولاً الى حدث بعلبك وطاريا وشمسطار. وأوضح شريف لـ«الأخبار» أن أعمال تأهيل شبكة الصرف الصحي وتحديث المحطات التي انطلقت الصيف الماضي توقفت منذ تشرين الثاني الفائت، «بسبب خلافات بين الشركة المتعهدة (نيوليبانون) والوزارة». فيما عزا رئيس مجلس إدارة «نيوليبانون»، علي نيازي دندش، عدم إكمال الأشغال الى ارتفاع سعر الدولار. وأوضح لـ«الأخبار» أن كلفة المشروع تبلغ ثلاثة مليارات ليرة، «وقد اعترضنا لدى وزارة الطاقة والمياه على قيمة المشروع عند ارتفاع سعر الدولار. إذ كيف نكمل الأشغال ونشتري متطلبات المشروع بسعر صرف 4500 ليرة لبنانية للدولار الواحد، فيما الوزارة تدفع لنا 1507 ليرات للدولار؟».
وبسبب طبيعة اليمونة الجغرافية، فإن شبكات الصرف الصحي في البلدة موصولة جميعها الى محطة ضخ أنشئت بجوار البركة، يُفترض أن تضخ المياه الآسنة نحو محطة التكرير التي تبعد حوالى 600 متر. وفي حرم محطة التكرير التي لا تعمل، أنشئت بركة ضخمة أيضاً لتجميع المياه الآسنة باتت تشكل مصدر تلوث آخر للأراضي الزراعية. ولفت شريف الى أن شبكة الصرف الصحي القديمة تعاني من تسرّبات زادت نسبتها بعد توصيل الشبكة الجديدة عند محطة الضخ، ما يسمح باختلاط الصرف الصحي بالمياه العذبة قبل دخولها في نفق يغذّي أكثر من 40 قرية وبلدة.
المهندس عامر شريف، المكلف من بلدية اليمونة الإشراف على أشغال الشركة المتعهدة، أوضح أن الخطوط المنفذة سابقاً في شبكة الصرف الصحي كانت تعاني من شوائب تقنية وتنفيذية، و«خصوصاً لجهة الريغارات التي تفتقر الى عوازل من الخارج، ما يسمح بتسرب المياه الآسنة. كما أن القساطل التي استخدمت في الشبكة صغيرة (10 إنش)، ما يؤدي الى تسرب كبير مع ازدياد الضغط عليها نتيجة عدم تشغيل محطتَي الضخ والتكرير». وأبرز تقارير خطية تطالب فيها البلدية بنقل موقع محطة الضخ وإبعادها عن البركة وإعطائها الأولوية في التأهيل والتحديث قبل الشبكة، «حتى لا نصل الى ما وصلنا إليه اليوم... ولكن لم يسمعنا أحد». شريف أشار الى أن محطة الضخّ التي تعمل على الكهرباء لا يتمّ تزويدها بالمحروقات لتشغيل المولد فيها، ما يؤدي الى فيضان المحطة وتسرّب المياه الآسنة الى البركة. أضف الى ذلك إن «تنفيذ الشبكة الجديدة غير مطابق للمواصفات والشروط الفنية المحددة، لجهة العيوب في الريغارات، وأيضاً لجهة مرور الشبكة الجديدة في منطقة غنية بالينابيع».


محطة فلاوى تنتظر الكهرباء
في كل مرة يزداد فيها الحديث عن تلوّث مياه اليمونة التي تغذّي 42 قرية بمياه الشفة، تطفو اقتراحات بضرورة إنشاء محطة تكرير لمياه الشفة، علماً بأن هناك محطة تكرير لمياه الشفة بمواصفات عالية أنشئت في جرد بلدة فلاوى منذ عام 2003 ولم يتم تشغيلها حتى اليوم نتيجة إهمال أبسط متطلبات تشغيلها، كتعبيد الطريق إليها أو إنشاء محوّل كهربائي يزوّدها بالتيار الكهربائي لإبعاد هاجس المحروقات.