باريس على خط "خفض التوتر" بعد انكفاء...استعادة دور مفقود!؟

اجتمع ممثلون للدبلوماسية الأميركية والفرنسية والألمانية والإيطالية والبريطانية، امس، في باريس لمناقشة الوضع في لبنان ومصير المفاوضات من أجل التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. ويأتي الاجتماع غداة زيارة سريعة قام بها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن للعاصمة المصرية القاهرة في محاولة لإحياء المفاوضات حول اتفاق بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل.

والتقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الوزير  بلينكن وبحث معه ضرورة خفض التصعيد في لبنان والالتزام بحل دبلوماسي يسمح بعودة السكان في شمال إسرائيل، وناقشا تطورات الشرق الأوسط، بما في ذلك العمل على تحقيق وقف إطلاق النار في غزة وإعادة الرهائن إلى ديارهم وزيادة المساعدات الإنسانية لشعب غزة. وكان بلينكن ناقش مع نظيره الفرنسي ستيفان سيجورنيه ايضا، الحاجة الملحة لتهدئة التوترات في لبنان وجميع أنحاء الشرق الأوسط. فهل من دور محوري مستجد لفرنسا، على الساحة الشرق أوسطية وهل عادت باريس محوراً للمفاوضات بعد ان كانت تدور في القاهرة والدوحة؟

مدير مركز المشرق للدراسات الاستراتيجية الدكتور سامي نادر يؤكد لـ"المركزية" ان "باريس لا تملك التأثير الذي كانت تتمتع به في الماضي، خاصة بعد التطورات في السنوات العشرين الأخيرة، حيث تقلّص الدور الفرنسي، لأسباب تاريخية ومتعلقة بالمجموعة الأوروبية وبنصف تفويض أميركي إن جاز التعبير أو قبول أميركي بدور مساند لفرنسا نظراً لأسباب تاريخية تحاول أن تقوم بدور في لبنان".

أما بمسألة غزة، فمن الواضح ان اللاعبين الاساسيين في عملية المفاوضات ، طبعاً غير الولايات المتحدة الاميركية الداعمة لاسرائيل والقوة الاولى في المنطقة وايران الداعمة لحماس وبرز دورها في الفترة الأخيرة كقوة إقليمية، هم مصر وقطر والمملكة العربية السعودية. وبالتالي، تحاول فرنسا تأكيد وجودها عبر علاقاتها مع القاهرة وواشنطن. وهي واكبت مفاوضات الموفد الاميركي آموس هوكشتاين في اسرائيل، لكنها لم تضطلع بالدور الأول".

ويضيف: "استُحدِث الدور الفرنسي بعد ان هدأت العاصفة الداخلية، نظراً لبداية حلحلة أزمتها الحكومية، ولذلك تحاول ان تدخل الى ملف المنطقة، علما ان رئيس الجمهورية هو من يُمسِك بالملف الخارجي في فرنسا. وبالتالي لا يجب  إعطاؤها حجماً أكبر من هذا".

وردا على سؤال عن امكانية اطاحة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو المعرقل الأول والأخير للمفاوضات،  يجيب نادر: "ليس الأمر بهذه السهولة، لأن المطلوب ان ينادي فريق معين بانتخابات جديدة. من سيقوم بذلك؟ لا أحد يملك أكثرية نيابية مناهضة لنتنياهو. صحيح ان رئيس الوزراء الاسرائيلي لا يملك أكثرية كي يحظى مجدداً بالرئاسة، لكن من أجل إجراء انتخابات مبكرة وإسقاط نتنياهو، يحتاج الى أكثرية في مجلس النواب وهذا الأمر غير متوفر. كما ان نتنياهو ما زال يملك قاعدة مؤيدة، ليس لديه أكثرية كي يشكل تكتلاً حاكماً، لكن أيضاً لا توجد في مواجهته أكثرية لإسقاطه، وبالتالي الأمور مرشحة للبقاء على حالها، الى حين موعد الانتخابات وفقاً للدستور. وبالتالي الرهان على إسقاط نتنياهو عبر الوسائل الدستورية غير دقيق".

ويختم نادر: "إنها حرب استنزاف متبادلة، قادها حزب الله  لكنه يواجه أيضاً حرب استنزاف بطبيعة الكترونية. هناك كلام عن حشد عسكري، لكنني استبعد حدوث اي عملية عسكرية او هجوم بري في الأيام المقبلة، تتطلب مؤشرات معينة كاستدعاء الاحتياط... وغيرها. قد تكون هناك عمليات محدودة، لكن اسرائيل ستواصل الضغط العسكري بعمليات ذات تأثير عالٍ كتلك التي شهدناها في الأيام الأخيرة لجرّ "حزب الله" إلى تسوية".