الوزير انحاز للقانون متأخراً: المدارس الخاصة ملأت صناديقها الدولارية

كان يفترض أن تجري وزارة التربية جولة نقاش للتوصل إلى حلول مشتركة بين لجان الأهل في المدارس الخاصة واتحاد المدارس الخاصة، بشأن اقتراح القانون الذي عرضته الوزارة عليهم، لتعديل بعض بنود القانون 515 الذي يرعى وضع الميزانيات في المدارس الخاصة. فقد سبق وشكلت الوزارة لجنة متابعة تمثل جميع الأطراف، وعرضت اقتراح القانون عليها لإبداء الرأي والملاحظات. لكن تباعد الآراء بين الأهل والمدارس بشأن القانون الذي اقتراحه وزير التربية عباس الحلبي، حال دون اجتماع اللجنة المصغرة.

 

تعميم ينصف أهالي الطلاب

اتحاد المدارس الخاصة اعترض على مسودة القانون لناحية التشدد في مسألة السماح للمدارس بتأسيس الصناديق الدولارية من خارج الموازنة، تخوفاً من إمكانية ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازية. وتشددت لجان الأهل في رفض الصناديق، وضرورة إدخال كل الإيرادات التي تجنيها المدارس في صلب الميزانية المدرسية.

وحيال التباعد الكبير في وجهتي النظر، أصدر الحلبي تعميماً قبل سفره إلى نيويورك منع فيه المدارس الخاصة غير المجانية فرض أي مبالغ على الأهالي غير القسط المدرسي التي تستوفيها من دون وجود مبررات. وهو تعميم ينصف الأهل ويشكل ضغوطاً على إدارات المدارس الرافضة لمبدأ الرقابة على الموازنات، وتفرض أقساطاً بالدولار. لذا، بات الجميع ينتظرون ما يقرره الحلبي لمعرفة مصير اللجنة المصغرة، وإذا كانت ستجتمع من جديد للتباحث بشأن اقتراح القانون. فالمدارس التي أبدت ملاحظات جوهرية عليه باتت أمام الأمر الواقع بعد تعميم الوزير. ورغم أن التعميم أتى متأخراً بعدما فتحت معظم المدارس الخاصة أبوابها وبدأت العام الدراسي الأسبوع الفائت، وبعدما حصّلت غالبية المدارس مبالغ بالدولار النقدي من الأهالي، إلا أن المدارس باتت ملزمة بإدخال تلك الأموال في الموازنة المدرسية.

 

منصف للمدارس الملتزمة بالقانون

أكد التعميم على عدم استحداث أي صندوق من خارج الموازنة المدرسية، واعتماد الليرة اللبنانية حصراً لتقدير نفقات الموازنة المدرسية، وإدراج كل نفقة استثنائية في باب النفقات، وإدراج كل مساهمة أو هبة أو تبرع في باب إيرادات هذه الموازنة، بعد تحويلها إلى العملة الوطنية في حال كانت بأي عملة أخرى.

لكن الوزير أعطى المدارس حقها في إمكانية تسجيل أي نفقات تشغيلية غير ملحوظة في الموازنة، بسبب اختلاف سعر صرف الدولار. إذ بإمكان المدارس تنظيم ملحق بالنفقات الاستثنائية المتجاوزة لنسبة الـ35 بالمئة المنصوص عليها في القانون رقم 515 (ينص القانون على وضع موازنة 35 بالمئة للنفقات التشغيلية و65 بالمئة للرواتب والأجور). بمعنى أنه يمكن المدرسة استيفاء زيادة على القسط المدرسي، لكن يجب أي يرفق الملحق بتقرير يعدّه خبير محاسبة محلّف. وأي مدرسة تخالف التعميم يترتب عليها مسؤولية وتتعرض للمحاسبة وفق القوانين والأنظمة النافذة.

لجان الأهل اعتبرت أن التعميم منصف لأنه يلزم المدارس الخاصة بالقوانين النافذة ويضع ضوابط لتحديد الأقساط المدرسيّة تتماشى مع الظروف الاستثنائيّة والأزمات الاقتصاديّة. فالتعميم أكد ما ينص عليه القانون بأن يكون مجموع الأقساط المدرسيّة موازياً للنفقات، وبإدخال جميع الإيرادات في الموازنة بعد احتسابها بالليرة اللبنانية، وثبَّت أن المدارس مُؤسسات غير ربحية. واعتبرت رئيسة اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور، لما الطويل، أن التعميم عادل ومن شأنه أن يضع حداً للفوضى. وأضافت في حديث لـ"المدن" أن المرحلة الحالية هي لمواكبة مدى التزام المدارس به.

 

مواكبة التزام المدارس

واعتبرت الطويل أن وزير التربية لم ينتصر للأهالي ضد المدارس بل انتصر للقانون. ورداً على سؤال حول الأهل الذين دفعوا جزءاً من القسط بالدولار، وهم أكثر من ستين بالمئة من الأهل، أكدت أن القانون يفرض تسليم المدارس الموازنات إلى وزارة التربية في غضون نهاية العام، واتحاد لجان الأهل سيراقب عبر لجانه في المدارس مدى التزامها بالتعميم. فبعد تأكيد التعميم عدم قانونية الصناديق المستقلة باتت المدارس ملزمة بإدخال الأموال المحصلة بالدولار في الموازنة قبل توقيعها من لجنة الأهل، وذلك بعد احتسابها على سعر الصرف في السوق الموازية. وحينها يكون الأهل على بيّنة من بابي الإيرادات والنفقات، وكل مدرسة مخالفة تتعرض للمحاسبة.

 

فيما بدأت معظم المدارس الخاصة العام الدراسي الأسبوع الفائت، وما زالت بعض المدارس تتجهز لفتح أبوابها الأسبوع المقبل، ستكون الأشهر الثلاثة المقبلة بمثابة اختبار لمدى التزام المدارس الخاصة بتعميم وزير التربية، ومدى جدية تحرك الوزارة في تطبيق القانون عليها. لكن على كل لجنة أهل في كل مدرسة مسؤولية التدقيق بالميزانية، وتقديم شكوى بوجود مخالفات. غير ذلك، لا تتحرك وزارة التربية عفواً في هذا الشأن.