المراوحة الحاصلة مؤذية جدّا... أبو سليمان يقرأ في استقالة بيفاني

أبعَد من الأرقام، ومن التعثّر التفاوُضي المُقلِق (بحسب معطيات تقنيّة متعدّدة) مع وفد "صندوق النّقد الدّولي"، تطرح استقالة مدير عام وزارة المالية آلان بيفاني مجموعة من الإستفسارات التي تفوق ما تحدّث عنه أمس، وما يُمكنه أن يتحدّث عنه في وقت لاحق. كما تتجاوز الخلفيات "المالية" أو "التقنيّة" المتعلّقة بها.

فإصلاح الوضع المالي لا يقوم على أكتاف بيفاني وحده، ولا هو من مهامه حصريّاً ليُحوّل نفسه الى "شهيد حيّ" بسببه، في شكل اختياري. فما هي العلاقة بين استقالته أمس، وبين زيارة كان قام بها الى السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، قبل أسابيع، والتي أُحيطت بكثير من الأسئلة؟

 

توقيفات

ربّما المضمون الذي دفع بيفاني لزيارة بخاري، يتعلّق بالملفات المالية والإقتصادية، ولكنّه حتماً ليس خالياً من الكلام السياسي، ومن الملفات التي جعلت السعوديّين يبتعدون عن لبنان مالياً. وبمعزل عمّا يُمكن أن يكون اتُّفِقَ عليه، أو ما لم يحصل أي توافق حوله، فإن الاستقالة تبقى موضع جدل في توقيتها المرتبط بالتعثّر على خطّ لبنان - IMF، كما بالتحضُّر لأسوأ تعبير شعبي عن الأزمة الإقتصادية والمالية، كما تُفيد بذلك الكثير من المعطيات الأمنية. فهل تكون الاستقالة هذه حلقة ضمن سلسلة تطوّرات قد تصل الى حدّ التوقيفات، قُبَيْل الإعلان الرّسمي عن فَشَل لبنان في الحصول على برنامج مع "صندوق النّقد الدّولي"؟

 

ضغط إعلامي ونفسي

أوضح الخبير المالي والإقتصادي الدكتور وليد أبو سليمان أن "مقاربة استقالة بيفاني، تقع في زاوية أنه كان في الخطّ الأمامي لخطة الإنقاذ، أو خطة التعافي المالية والإقتصادية".

وأشار في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" الى أن "هذه الخطّة كانت عرضة لانتقادات شرسة من قِبَل المصارف ومصرف لبنان، وحتى من جانب "لجنة تقصّي الحقائق" النيابية. وبالتالي، أظنّ أن بيفاني شعر أنه أصبح متروكاً في مواجهة أطراف متعدّدة. ونذكّر بأنه قبل استقالته، استقال الدكتور هنري شاوول من منصبه كمستشار لوزير المالية غازي وزني، ضمن الوفد اللّبناني المفاوِض لـ "صندوق النّقد الدّولي". وهما كانا الخطّ الأمامي والهجومي في تلك الخطة، وركيزة إقرار نصّها".

ولفت الى أن "هذا ما أدّى الى ضغط على بيفاني، على المستوَيَيْن الإعلامي والنّفسي، بالإضافة الى المراوحة الحاصلة مع "صندوق النّقد الدولي"، والمتزامنة مع عدم التقارُب في وجهات النّظر، على مستوى الأرقام في حدّ أدنى، وهو ما يُمكنه أن يؤدّي الى أن يغضّ IMF نظره عن تلك المفاوضات. وهذا ما لا بدّ من تداركه من قِبَل الجميع".

 

خَتْم "الصّندوق"

وردّاً على سؤال حول إمكانية أن نصل الى مرحلة من التوقيفات، على مستوى الوفد اللّبناني المُفاوِض لـ "صندوق النّقد الدّولي"، إذا وصل IMF الى قناعة حول أن لا إمكانية لأي برنامج مع لبنان، أجاب أبو سليمان:"إذا أخفقنا في هذا الإطار، لا أحد يعرف ما يُمكنه أن يكون مصير الوطن. وأخشى على لبنان في تلك الحالة".

وأضاف:"من الأفضل لنا أن نسرّع في توحيد الأرقام، مع عدم المماطلة في ذلك أكثر. فالمراوحة الحاصلة مؤذية جدّاً، خصوصاً أن خَتْم IMF هو الذي سيُمهّد ويفتح للبنان باب الاستدانة والمساعدات من قِبَل مؤسّسات مانحة، ودول مانحة أخرى".

وختم:"لا دولة في العالم ستمنح لبنان ولو ليرة واحدة، قبل السّير بالإصلاحات. ويبقى أن الممرّ الأساسي للإصلاحات يكمُن في خَتْم "صندوق النّقد الدّولي".