العين على البلوك رقم 8.. والنتيجة منتصف السنة المقبلة

تتابعت في الآونة الأخيرة التطورات المرتبطة بالقطاع البترولي بفعل الإندفاعة القوية التي شهدها موضوع البدء بعمليات التنقيب في البحر اللبناني. الأمر الذي دفع المعنيين إلى التوجّه نحو البلوك رقم 8، بحيث أعلن وزير الطاقة عن منح رخصة إستطلاع لتحالف شركتي "برايت سكايز" و"جيوكس" وذلك لإجراء مسوحات زلزاليّة ثلاثية الأبعاد في البلوك المذكور، تمهيداً للإستحصال على بيانات أكثر دقة حول المكامن والترسبات الموجودة. فهل تمّ وضع القطاع فعلياً على السكة الصحيحة؟ وهل تفلّت من القيود أم أن عقبات مستقبلية يمكن أن تفرمل هذه الإيجابيّة؟ ولماذا البلوك رقم 8 تحديداً؟

تثبيت السيادة اللبنانية

أسباب عديدة دفعت الدولة اللبنانية إلى إختيار البلوك رقم 8 لإجراء هذه المسوحات، يوجزها الباحث في مجال الطاقة في معهد عصام فارس في الجامعة الأميركية "مارك أيوب" في حديث لـ"نداء الوطن" بثلاثة: "الأول أن البلوك 8 كان يقع ضمن المنطقة المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل قبل إتفاق الترسيم والتي كانت مساحتها تبلغ 860 كلم مربع، وبالتالي طيلة العشر سنوات التي مضت لم يشملها المسح الزلزالي ثلاثي الأبعاد الذي تم في العام 2011 لأنه كانت توجد مشاكل على ترسيم الحدود، فبواخر المسح لم تتمكن من الوصول إلى البلوكات الموجودة في هذه المنطقة. بعد إتفاق الترسيم، تأتي هذه الخطوة لتثبيت السيادة اللبنانية على هذا البلوك الذي يعتبر مياه لبنانية".

البلوك 8 محاذٍ للبلوك 9

من أبرز الأسباب لإختيار البلوك 8 بحسب "أيوب"، هو أنه قريب ومحاذٍ للبلوك رقم 9. "فإذا حصل أي إكتشاف تجاري في هذا البلوك بعد إتمام عمليات الحفر الحالية في حقل "قانا" المحتمل، يمكن الإعتبار عندها أن البلوكات المحاذية للبلوك 9 تشبهه نوعاً ما من الناحية الجيولوجية ما يرفع من قيمة البلوكات المتبقية في دورة التراخيص الثانية".

تحسين شروط دورة التراخيص الثانية

كذلك ومن بين الأسباب الدافعة للإختيار، "دورة التراخيص الثانية التي تم تأجيل تقديم طلبات الإشتراك فيها إلى 2 تشرين الأول 2023 والتي يمكن أن تمتد أكثر إلى العام 2024 في حال لم تشهد أي إقبال. وفي هذا الإطار يعتبر البلوك 8 هدفاً للشركات البترولية في حال تحقق أي إكتشاف تجاري في البلوك رقم 9، فحالياً ليس هناك من معلومات حول البلوك 8 تحديداً، فلدينا معلومات عن البلوك 9 الذي تتم عملية الحفر فيه، فنسبة 90% تقريباً من هذا البلوك مشمول بالدراسات والمسوحات".

الأهداف الإستراتيجية لإختيار البلوك 8؟

الغاية الأساسية المتوخاة من هذه العملية تكمن في فهم الطبيعة الجيولوجية للبلوك 8 بالإضافة إلى الحصول على معلومات ومعطيات تشكل داتا متكاملة وحديثة تساهم بفهم هذه الجيولوجيا للتمكن من معرفة أين توجد المكامن المحتملة. فبحسب "أيوب": "إذا نظرنا إلى البلوك 8 فهو عبارة عن إمتداد للبلوك 9 والبلوك 10 وحتى يعتبر إمتداداً جيولوجياً للإكتشافات التي تحصل من جانب إسرائيل يعني من حقل "كاريش" و "تمار". كل ذلك بهدف تحصيل الداتا وتخفيف المخاطر، وهذا يفيد كثيراً في حال تقرر الحفر في البلوك 8 في المستقبل من خلال تحديد أدق للمكامن ولأماكن تواجدها وبالتالي تحديد موقع الحفر. فضلاً عن أن المسح يساهم في رفع الرغبة لدى الشركات بالإستثمار في البلوك 8 وبالتالي برفع قيمة البلوك (Value) وتعزيز القدرة التنافسية له (Competitivity)"، و" التي تمكّن الدولة اللبنانية من الحصول على أفضل الشروط التجارية بالنسبة لإقتسام الموارد والأرباح من جراء مشاركة القطاع الخاص والشركاء المستقبليين، وبالتالي عدم حصر الشركات المتقدمة بكونسورتيوم واحد"، وذلك بحسب تصريح وزير الطاقة وليد فياض.

 

كيف ستتم الإجراءات؟

بحسب "أيوب": "بداية، يعمد تحالف شركتي "برايت سكايز" و"جيوكس" على إستقدام بواخر خاصة مهمتها القيام بمسوحات ثلاثية الأبعاد للمنطقة البحرية المعنية أي للبلوك رقم 8. إذ من المتوقع أن تأتي البواخر بين تشرين الأول وتشرين الثاني 2023 على أن تستمر أنشطة المسوحات بين الشهر أو الشهرين من العمليات التشغيلية وذلك قبل أن يتم إرسال البيانات لتحليلها والتي تحتاج بدورها لحوالى الثلاثة أشهر، ما يعني أنه في النصف الأول من العام 2024 تصبح نتيجة تلك المسوحات ثلاثية الأبعاد جاهزة بعهدة وزارة الطاقة. فالداتا إذاً تصبح ملكاً للدولة اللبنانية كما ولتحالف الشركات الذي قام بالمسوحات، لكن لا يحق لأحد التصرف بها إلا وفقاً لإتفاق".

من يتكفل بالمصاريف التي تتطلبها المسوحات؟

إن الشركات التي تم منحها الرخصة هي التي تتكفل بكامل المصاريف التي تتطلبها هذه العملية كما تتكفل بتكاليف تجميع الداتا وتحليلها وهذا ما يسمى (Multi-Client Agreement)، فعلى أساس الرخصة التي منحتها وزارة الطاقة للشركات تتم الإجراءات. وفي هذا الإطار، يعتبر "أيوب" أنه وفقاً لنظام الرخصة تعمد الشركات إلى إسترجاع المصاريف التي تكبدتها لإجراء المسوحات من خلال بيع هذه الداتا المحصلة للشركات البترولية الراغبة بالإطلاع عليها. فجزء من الأموال التي يتم تحصيلها نتيجة البيع تلك يعود إلى الشركات لإسترداد تكاليف المسوحات والجزء الآخر تأخذه الدولة اللبنانية، ويتم إيداع المبلغ في حساب خاص لهيئة إدارة قطاع البترول أو لوزارة الطاقة والمياه في مصرف لبنان كما حصل في السنوات السابقة. بحيث إستطاعت الدولة اللبنانية الحصول على مبلغ 32 مليون دولار من جراء بيعها للبيانات الزلزالية كما ولمجموعة البيانات الخاصة بقطاع النفط والغاز في لبنان، فالدولة ليس عليها أية تكاليف لإتمام هذه المسوحات".