الجهود الأميركية والفرنسية تُسابق الأخطار المحدقة بلبنان

وضعت زيارة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين الأمور في نصابها رغم التصعيد الذي تشهده المنطقة والمخاوف من رد إيران و"حزب الله" على اغتيال إسماعيل هنية وفؤاد شكر. فقد دعا إلى جولة جديدة من التفاوض توازيا مع مفاوضات الدوحة حول هدنة في غزة، بوساطة أميركية - مصرية - قطرية تعول عليها الولايات المتحدة للتشديد على منع التصعيد والانفجار الإقليمي.

يعتقد الموفد الأميركي أنه "يمكن الوصول إلى نهاية النزاع الآن، وندرك اليوم أن هناك من يريد ربطه بنزاعات أخرى، لكن هذا ليس موقفنا. ما زلنا نعتقد أن الحل الديبلوماسي أمر ممكن لأننا نؤمن بأن لا أحد يرغب حقا في حرب شاملة بين لبنان وإسرائيل، وكلما مر الوقت على التصعيد ازدادت احتمالات وقوع حوادث وأخطاء".

تشعر الولايات المتحدة الأميركية بقلق بالغ من احتمالات التصعيد العسكري في المنطقة. لذلك يعتبر الرئيس جو بايدن أن الوقت قد حان لتقديم الإغاثة للمدنيين في غزة ولإطلاق الرهائن. وتتمثل أفضل طريقة لذلك بوقف النار في غزة، مع صفقة الإفراج عن الرهائن.

وفي هذا السياق، عملت الولايات المتحدة مع مصر وقطر أشهرا لصياغة اتفاق إطار يضمن وقف النار في غزة، ولم يبق بعد مفاوضات الدوحة الأخيرة سوى وضع اللمسات الاخيرة على التفاصيل والآليات لتنفيذ هذا الاتفاق المستند إلى المبادئ التي أقرها مجلس الامن في القرار ٢٧٣٥. وتتواصل الجهود هذا الأسبوع لتجنب التصعيد.

وتعتبر واشنطن التي لا تربط بين الساحات، أن وقف النار في غزة قد يمكّن الجهود الديبلوماسية من استعادة الهدوء على طول الخط الأزرق بين لبنان وإسرائيل وتخفيف التوترات الإقليمية.

وتذكر الديبلوماسية الأميركية بأنه منذ أربعة أشهر، في ١٣ نيسان الفائت، تعاونت واشنطن مع إسرائيل وحلفائها في المنطقة ودوليا لصد هجوم إيران على إسرائيل وتجنب صراع إقليمي أوسع نطاقا.

لذلك اتخذت الولايات المتحدة خطوات احترازية بما في ذلك تحريك مجموعة حاملة طائرات ومقاتلات جوية إضافية إلى المنطقة دفاعا عن إسرائيل والجيش الأميركي المنتشر في المنطقة، وضد أي تهديدات في حال تدهور الوضع مرة أخرى. ويتمثل هدف الولايات المتحدة بتخفيف التوترات وردع أي هجمات وتجنب الصراع الإقليمي.

تحقيقا لهذا الهدف، قام المندوب الرئاسي هوكشتاين بجولة جديدة في إسرائيل ولبنان، واضعا نصب عينيه وقف القتال في غزة، ومراهنا على حصول اختراق في هذه المفاوضات يرتد حكما على لبنان.

والواقع أن زيارته شكلت الفرصة الأخيرة أمام لبنان لمنع "حزب الله" من الرد على اغتيال فؤاد شكر، فحذر السلطات اللبنانية والحزب من القيام بأي رد، لأن إسرائيل مستعدة للرد مجددا، وعندئذ تتفلت الأمور بما يؤدي إلى خراب لبنان، فيما الهدف الأميركي هو التوصل إلى حل ديبلوماسي يضمن السلام في المنطقة.

انطلاقا من ذلك، الحزب يجب أن يقتنع بأن اغتيال شكر كان ردا على عملية مجدل شمس، وبأن استهداف إسماعيل هنية لم يخرق سيادة إيران، ومن هنا ينبغي تقدير عواقب الرد على إسرائيل. وقد وجه هوكشتاين رسالة غير مباشرة إلى الحزب يدعوه فيها إلى حساب دقيق لرده. وفي إطار تعزيز قدرات الجيش الذي سيكون له دور في تنفيذ القرار ١٧٠١، تناول البحث المساعدات الأميركية للجيش اللبناني والبلد بشكل عام بعد حصول وقف تام لإطلاق النار. كذلك تطرق هوكشتاين إلى التمديد لـ"اليونيفيل" في جنوب لبنان، فالتعديلات المطروحة غير مهمة وهناك تفاؤل بالتوصل إلى صيغة يتوافق عليها الجميع. وموضوع التجديد مهم لأن أي حل مطروح يدعو إلى التزام القرار الدولي ١٧٠١ بحذافيره.

والحال أن المجموعة الدولية تؤمن بأن أي اتفاق ديبلوماسي أو حرب سيحددان موقع "حزب الله" من المعادلة اللبنانية الداخلية ودوره في تأمين انفراج أمني وسياسي واقتصادي. وتشير مصادر ديبلوماسية إلى أن بايدن في حاجة إلى تسجيل اتفاق لوقف النار في غزة لدعم معركة كامالا هاريس الرئاسية.

أما وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه فكانت زيارته للبنان رسالة دعم فرنسية في ظل الأوضاع المقلقة والسعي إلى التجديد لـ"اليونيفيل" ١٢ شهرا، ودعما للمبادرة الرئيس الأميركي جو بايدن لوقف النار في غزة، وهذا يشكل عملا متوافقا عليه دوليا وإقليميا لوضع حد للنزاع في غزة وجنوب لبنان والتصعيد الذي قد يشعل المنطقة. وقد تركزت محادثاته على آخر التطورات السياسية والعسكرية والتجديد لـ"اليونيفيل" لولاية جديدة، ودعا إلى تهدئة الوضع الإقليمي ووقف النار في غزة.

وتشير المصادر إلى أن سيجورنيه لم يحمل ورقة اقتراحات لحل الأزمة، بل شدد على ضرورة أن تعمل الديبلوماسية الفرنسية بالتعاون مع الأميركية على تخفيف حدة التصعيد وتهدئة الأوضاع في المنطقة في هذه الأوقات الحساسة. وهما تعولان على نجاح المبادرة التي يرعاها الرئيس بايدن. وفي بيان مشترك صدر السبت، أعلن البلدان أن الشرق الأوسط بات أمام خطر اندلاع صراع أكثر من أي وقت، وحضا إيران ووكلاءها على التراجع عن تهديداتهم.