التفرّغ بـ"اللبنانية" على ثلاث دفعات.. وإشكالية بمعايير اختيار الأسماء

رغم أن كل القوى السياسية وصلت إلى قناعة بضرورة إقرار ملف التفرغ في الجامعة اللبنانية، إلا أن المعايير التي على أساسها سيتم التفريغ ما زالت تحول دون وصول الملف إلى خواتيمه المطلوبة. ورغم ذلك ثمة تفاؤل بأن ينجز مرسوم التفرغ قبل عطلة الأعياد. فواقع الحال في الجامعة أن نحو ألف أستاذ تقاعدوا منذ آخر دفعة تفرغ، ولم يدخل إلى الجامعة أي أستاذ للتفرغ. وباتت الهيئة التعليمية في الجامعة قائمة على نحو 5 آلاف أستاذ، نحو 1700 منهم فقط في ملاك الجامعة.

تقسيط دخولهم على ثلاث دفعات
ووفق معلومات "المدن"، بات الملف في المرحلة النهائية، بعدما تم تحديد ملاكات الجامعة وأسماء الأساتذة المستحقين للتفرغ. لكن ثمة إشكالية حول اقتراح تجزئة ملف التفرغ على ثلاث دفعات. فالمقترح هو شمل أسماء جميع الأساتذة المستحقين للتفرغ، وفق مبدأ ملأ الشواغر بالجامعة، بما يرضي القوى السياسية والأساتذة، من خلال إصدار مرسوم واحد لجميع الأساتذة. أي تفريغ الجميع، لكن وفق مبدأ تقسيط دخولهم إلى التفرغ على ثلاث سنوات للأعوام 2025، و2026، و2027. إلا أن اختيار الأسماء لكل دفعة لا يحظى بتوافق القوى السياسية عليه. حتى أن هناك مطالب بجعله على دفعتين وإدخال ألف أستاذ في المرحلة الأولى، والعدد المتبقي في المرحلة الثانية.

ووفق المصادر، وضعت معايير لكيفية اختيار أسماء كل دفعة لتأمين حاجة الجامعة، لناحية ملأ شواغر كل كلية، ولتأمين التوازن الطائفي بين المسلمين والمسيحيين. لكن التوازن الطائفي متعذر بأكثر من نحو 42 بالمئة مسيحيين مقابل 58 بالمئة مسلمين.

معايير ترتيب الأسماء
لدى تجزئة الملف على دفعات لإدخال الأساتذة وفق الحاجة الحالية لملأ الشواغر ثمة إشكالية وخلل طائفي كبير. وأحد المطالب التي رفعها البعض هو اعتماد مبدأ الأقدمية، أي وضع اسم الأساتذة الذين يعلمون في الجامعة منذ سنوات عدة في الصدارة وصولاً إلى الذين وقعوا عقوداً مع الجامعة في أخر سنتين. أما الإشكالية الثانية فتتمثل بمعيار النصاب الذي يعلمه الأستاذ، بمعنى وضع أسماء الأساتذة الذين لديهم عقود بساعات تزيد عن المئتين بالسنة في الصدارة وصولاً إلى الأساتذة الذين كانت عقودهم أقل من مئتي ساعة في السنوات السابقة. فالعديد من المتعاقدين لم يتح لهم التعليم بأكثر من مئة أو مئة وخمسين ساعة في السابق، ما يعني أنهم يفتقدون لشرط نصاب المئتي ساعة كي يستحقون التفرغ.
في حال الذهاب إلى وضع تراتبية الأسماء وفق مبدأ الحاجة والنصاب، فهناك خلل على حساب السنّة والمسيحيين. فرغم أن عدد الأساتذة من الطائفة السنية يمكن أن يتم موازاته مع الأساتذة من الطائفة الشيعية، لكن العديد من الأساتذة السنّة لم يتمكنوا لسنوات عدة من رفع نصابهم ليصبح مئتي ساعة. في المقابل، العديد من الأساتذة المسيحيين رفعوا نصابهم في السنة الماضية. أما عدم اعتماد معيار الأقدمية في الترتيب فيؤدي إلى ظلم من مضى على تعليمه في الجامعة لسنوات، وسيفاضل بينه وبين من بحاجة إليه الجامعة، حتى لو كان عقده حديثاً.

الاستثمار الإعلامي
ورغم ذلك تلفت المصادر إلى أن الملف بات شبه منجز والاتفاق على المعايير ليس صعباً. لذا غالبية القوى السياسية ممثلة بالنواب بدأت ترفع الصوت سواء لناحية مظلومية عدم تفرغ الأساتذة، أو لناحية تأمين التوازن الطائفي أو السياسي (بين القوى السياسية الطائفية) في الملف. ومرد هذا الأمر إلى محاولة "الاستثمار" الإعلامي أمام الأساتذة، لعلمهم أن ملف التفرغ أنجز وبات موعد إقراره قريباً. هذا فيما الجهد الأساسي لإقرار الملف يعود للجهود التي قامت بها الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين ولجنة الأساتذة المتعاقدين.

منذ العام 2014، أي بعد دخول عدد كبير من المتعاقدين إلى التفرغ، تماطل القوى السياسية في إدخال متفرغين جدد إلى الجامعة. وتصاعدت حينها مطالب الأساتذة المتعاقدين في سبيل تفريغهم. لكن بعد اندلاع الأزمة الاقتصادية وتراجع قيمة مداخيل الأساتذة، خفتت المطالب بالتفرغ، حتى أن العديد من الأساتذة المتعاقدين هاجروا للعمل في الخارج. وبعد نجاح الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين بتحسين رواتب أساتذة الملاك (ستصل مداخيل أساتذة الملاك إلى نحو 1800 دولار بالشهر)، وإدخال الأساتذة المتفرغين إلى الملاك منذ نحو شهرين، عادت وتصاعدت مطالب الأساتذة المتعاقدين لإقرار ملف التفرغ. فمن ناحية باتت المداخيل التي تؤمنها الجامعة لأساتذة الملاك أفضل من كل قطاعات الدولة، ومن ناحية ثانية باتت مداخيل المتعاقدين بلا قيمة قياساً بزملائهم في الملاك.