الإيرانية نرجس محمدي تفوز بجائزة نوبل للسلام

فازت نرجس محمّدي الناشطة الإيرانية المسجونة المدافعة عن حقوق المرأة بجائزة "نوبل" للسلام لعام 2023 اليوم الجمعة.

وقالت اللجنة التي تمنح الجوائز: "لجنة نوبل النرويجية قرّرت منح جائزة نوبل للسلام لعام 2023 لنرجس محمدي تكريماً لنضالها ضدّ قمع النساء في إيران ومحاربتها من أجل تعزيز حقوق الإنسان والحرية للجميع".

ونرجس محمدي من أبرز ناشطات حقوق الإنسان الإيرانيات وتدافع عن حقوق النساء وتدعو أيضا إلى إلغاء عقوبة الإعدام.

وتقضي الآن أحكاماً متعدّدة في سجن إيفين في طهران ومجمل العقوبات 12 عاماً تقريباً وذلك وفقاً لمنظمة (فرانت لاين ديفندرز) المعنية بالدفاع عن الحقوق.

وهي واحدة من الفترات العديدة التي احتُجزت فيها خلف القضبان، وتشمل الاتهامات نشر دعاية ضد الدولة.

وقالت المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة إنّ جائزة "نوبل للسلام" التي مُنحت للناشطة الإيرانية في مجال حقوق الإنسان نرجس محمّدي تكرّم "شجاعة وتصميم المرأة الإيرانية".

وقالت المتحدثة باسم المفوضية إليزابيث ثروسيل في جنيف: "هذا يسلّط الضوء حقاً على شجاعة وتصميم النساء في إيران اللواتي يشكّلن مصدر إلهام للعالم أجمع".

وأضافت: "لقد رأينا شجاعتهنّ وتصميمهنّ في مواجهة الأعمال الانتقامية والتّرهيب والعنف والاعتقالات".

وفي تموز الفائت، قالت محمدي، إنّ "السجينات يدعمن حركة "المرأة، الحياة، الحرية، ويفخرن بما يحدث بشوارع مدنهن في إيران".

وأضافت ردّاً على أسئلة مكتوبة أُرسلت إليها بشكل سرّي من الإذاعة الفرنسية الدولية، وفق ما جرى تداوله: "لقد تأثّر حرّاس سجننا بهذه الحركة، وأخبرني بعضهم أنّ أبناءهم وبناتهم، انضموا إليها".

وقالت محمدي إنّها "كانت مشغولة بقراءة كتاب لـ"هانك جونستون" عن الحركات الاجتماعية، لاكتساب فهم أفضل لحركة "المرأة، الحياة، الحرية".

وتابعت: "إنني أتطلع إلى المساهمة في إحداث تغيير عميق في المجتمع. إنّ دور "الشعب" في إحداث تغييرات أساسية ودائمة أمر حاسم لإرساء الحرية والديموقراطية والمساواة. خلال 29 عاماً من النّضال الاجتماعي، تعلّمت ألّا أغفل عن تأثير عوامل أخرى، مثل السلطة السياسية".

لم ترَ طفليها منذ ثماني سنوات، وأمضت معظم السنوات القليلة الماضية في السجن، ولم يعد لديها "أمل في الحرية قريباً".

تحدّثت محمّدي في إجابات كتبتها من زنزانتها في سجن إيوين لـ"وكالة فرانس برس" عن ثقتها في مستقبل الحراك الشعبي في إيران وعن حياتها اليومية وروت معاناتها بعدما فُصِلت عن طفليها.

وقالت الناشطة في مجال الدّفاع عن حقوق الإنسان في إيران والحائزة جوائز دوليّة عدّة: "لم تتمكّن حكومة الجمهورية الإسلامية من قمع احتجاجات الشعب الإيراني، فيما تمكّن المجتمع من تحقيق أمور هزّت أسس الحكومة الدينية الاستبدادية وأضعفتها".

وأضافت: "ساهمت الحركة الاحتجاجية في تسريع عمليّة السعي إلى الديموقراطية والحرية والمساواة" التي أصبحت الآن "لا رجعة فيها" وفق قولها، رغم حملة القمع التي تسبّبت بمئات القتلى، وفق منظمات غير حكومية، وآلاف التوقيفات منذ عام.

وتابعت محمدي أنّ الاحتجاجات التي كانت حاشدة عندما انطلقت عقب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني بعد توقيفها من شرطة الأخلاق لعدم التزامها قواعد اللباس الصارمة، لم تعد ظاهرة الآن لكنها تنتشر في المجتمع.

وأشارت إلى أنّ النساء هن على خط المواجهة، ودورهن "حاسم" بسبب عقود من "التمييز والقمع" في حياتهن العامة والشخصية.

وفي مشاهد لم يكن ممكناً تصوّرها قبل عام، تشاهد نساء اليوم في إيران من دون حجاب في الأماكن العامة، رغم المخاطر المترتبة على ذلك. وقد سجنت صحافيات بسبب نشرهن تحقيقات عن وفاة مهسا أميني.

"استياء حتى من الدين"
 
 ورأت محمدي أنّ "الحركة الثوريّة" لا تقتصر على النّخب الشابة وسكان المدن، موضحةً أنّ "الاستياء والاحتجاجات وصلا إلى مناطق الضواحي والقرى"، مشيرةً إلى البطالة والتضخم والفساد كعوامل مؤجّجة للغضب.

وتابعت الناشطة: "أصبح الناس مستائين وعدائيين، حتى تجاه الدين"، لافتةً إلى أنّ الاحتجاجات المتكرّرة التي هزّت إيران في السنوات الأخيرة، خصوصاً تلك التي جاءت ردّاً على الضائقة الاقتصادية "تظهر حجم الاحتجاجات وطابعها الذي لا رجعة عنه".

ورأت محمدي أنّ الدول الغربية لا تُريد أو لا تستطيع أن ترى أهمية هذه الاحتجاجات.

وانتقدت "سياسة الاسترضاء التي تنتهجها الحكومات الغربية التي لا تعترف بالقوى والشخصيات التقدمية في إيران، ناهيك عن سياساتها الهادفة إلى الإبقاء على النظام الديني السلطوي" في البلاد.

وتخوض الدول الغربية مفاوضات صعبة مع طهران لإعادة إطلاق الاتفاق النووي الذي أبرم في العام 2015. وتحتجز إيران التي غالباً ما تُتَّهم بممارسة "ديبلوماسية الرهائن"، عشرات الأجانب في سجونها.

"معاناة لا توصف"
 
 وكتبت محمدي "لم أرَ طفلَي كيانا وعلي منذ أكثر من ثماني سنوات، ولم أسمع صوتيهما منذ عام ونصف العام. إنها معاناة لا تحتمل ولا توصف". ويعيش زوجها وطفلاها التوأمان البالغان 16 عاماً في فرنسا.

وتتعرّض محمدي التي تُرسَل في بعض الأحيان إلى الحبس الانفرادي أو تُحرم من المكالمات الهاتفية، لـ"مضايقات من القضاء والشرطة لإسكاتها"، بحسب منظّمة "مراسلون بلا حدود".

وكتبت محمدي: "ثمن النضال ليس فقط التعذيب والسجن، بل إنّه قلب ينكسر مع كل حرمان، في معاناة تخترق عظامك حتى النخاع".

وأضافت: "ليس لدي أي أمل في الحرية تقريباً".

وتشير إلى أنّ "جناح سجن إيوين للنساء يؤوي أكثر السجينات السياسيات نشاطاً ومقاومة في إيران. خلال السنوات التي أمضيتها في السجن، تشاركتُ الزنزانة مع 600 امرأة على الأقل وأنا فخورة بكل واحدة منهن".

وختمت محمدي: "كان السجن دائماً قلب المعارضة والمقاومة في إيران، وبالنسبة إليّ، فهو يُجسّد أيضاً جوهر الحياة بكل جمالها".

كيف علّقت عائلتها؟

وقالت عائلة نرجس محمدي في رسالة خطية اليوم :"إن منح جائزة نوبل للسلام للناشطة الإيرانية المسجونة يمثل لحظة تاريخية ومهمة للنضال من أجل الحرية في إيران"، كما افادت وكالة "فرانس برس".

أضافت :"إننا نهدي هذه الجائزة لجميع الإيرانيين، وخاصة للنساء والفتيات الإيرانيات اللاتي ألهمن العالم أجمع بشجاعتهن وكفاحهن من أجل الحرية والمساواة".