الإعتداءات على اليونيفيل ممنهجة...رسائل للمجتمع الدولي "لا دولة في لبنان"

لسنوات تراقب اليونيفيل عمليات وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل الذي استمر منذ العام 2006 . في خلالها كانت تتعرض دورياتها لهجوم أو ما بات يعرف ب"ردات فعل" عفوية من قبل الأهالي حتى باتت هذه القوات في مرمى "فشة خلق أو صندوق بريد لإيصال الرسائل إلى الحكومة اللبنانية ومنها إلى مجلس الأمن. لكن ولا مرة كان الرد على الإعتداءات من قبل عناصر اليونيفيل، إنما إدانات من مجلس الأمن الدولي وتطوى الصفحة لتفتح على اعتداء جديد.

إلا أن دور شرطي البلدية المُعطى إلى قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تبدل بشكل نوعي منذ 7 تشرين الأول 2023 تحت وطأة التوتر المتصاعد على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، بحيث وجدت نفسها في مواجهة تحديات وأخطار غير مسبوقة وسط النزاع المتجدد بين إسرائيل وحزب الله. ومع فرار المدنيين بأعداد كبيرة على جانبي الحدود، تغير موقف اليونيفيل من مراقبة الانتهاكات على الحدود إلى دوريات على جبهة قتال.

وعلى رغم أهمية الدور الذي تؤديه قوات اليونيفيل، لا تزال الإعتداءات على دورياتها مستمرة، وآخرها ما حصل في الأمس في مدينة صور حيث تعرضت مجموعة من الشبان لإحدى آليات اليونيفيل خلال عبورها في الشارع الرئيسي وعمدوا إلى رشقها بالحجارة كما حاولوا إنزال العناصر بالقوة إلا أن المسألة انتهت على انسحاب الشبان وأكملت الآلية طريقها.

منذ انسحاب إسرائيل من لبنان عام 2000، شهدت المنطقة الحدودية تحولا في طبيعة الانتهاكات. قبل تشرين الأول 2023، كانت تقتصر الأحداث على مناوشات بسيطة، كعبور المزارعين بحيواناتهم للحدود، إضافة إلى بعض الاشتباكات المتفرقة بين حزب الله وإسرائيل. فهل يكون دور قوات حفظ السلام مختلفا عما كان عليه قبل اندلاع الحرب في غزة والجنوب ،وما هي المهام التي يجب أن تُعطى لها حتى لا تبقى ساحة لردات فعل أهالي القرى الواقعة تحت سيطرة حزب الله؟

الباحث في الشؤون الجيو- سياسية زياد الصائغ يقول لـ"المركزية" "ان الإعتداءات المتكررة على اليونيفيل ممنهجة وتهدف إلى توجيه رسائل أمنية – ديبلوماسية إلى المجتمع الدولي، ومفادها أن لا دولة في لبنان، وأن قوى الأمر الواقع تتحكّم عملانياً في الميدان. وبالتالي كل القرارات الأممية لا قيمة لها من 1559 إلى 1680 ، وصولاً إلى 1701. وما نشهده وقد نَشهدُه، تتحمّل مسؤوليته الدولة التي اختارت الإنصياع للاّدولة، وبالتالي نحن أمام حقيقة ميدانية مخالفة للدستور ،وحُكم القانون والسيادة".

وعن جلسة مجلس الأمن الطارئة، يشير الصائغ الى " أنها إن دلّت الى شيء فإلى استمرار الإهتمام الدولي بلبنان على رغم اليقين أن الدولة فيه مخطوفة ومستباحة، وعلى رغم انحيازٍ واضِح لإسرائيل. الحِلفُ الموضوعي بين من قرر تدمير الدولة في لبنان، وبين ما يقوم به العدو الإسرائيلي من انتهاكات ، مما يستدعي موقفاً أكثر وضوحاً من المجتمع الدولي لحماية الشعب اللبناني. ومن مندرجات هذا الوضوح التمديد لليونيفيل، وفي قناعتي أن لا ديبلوماسية لبنانية، بل فولكلور خاضع لسطوة أجندة لا علاقة لها لا بأمن لبنان القومي، ولا بأمان شعبه الإنساني. والتمديد لليونيفيل يأتي نتيجة حرص دولي أكثر منه مطلب المنظومة".

ويتابع الصائغ:" القرار 1701 لم يُنَفّذ، لا إسرائيلياً ولا لبنانياً. من هنا مقاربتي في الحِلف الموضوعيّ على حساب سيادة لبنان ودستوره، والحديث عن توسيع صلاحيات اليونيفيل أو التصدِّي لذلك ، يبقيان من قبيل السّردية الشكلية".

ويختم الصائغ" تطبيق مندرجات القرار 1701 هي أساس حماية لبنان ولا داعٍ لطرح شروط جديدة. الشرط الوحيد هو استرداد الدولة سيادتها كاملةً على كل أراضيها".