الإتحاد الأوروبي يقرّ بفشل العقوبات وخيارات أكثر واقعية للضغط "رئاسيا"

 "الأوروبيون يدرسون فرض عقوبات على ساسة لبنانيين تخلوا عن الصالح العام" من أجل حثِّهم للإتفاق على حكومة لإنقاذ بلدهم من انهيار إقتصادي". حصل ذلك في 8 نيسان 2021. وفي 12 أيار من العام نفسه " قال دبلوماسيون، إن الاتحاد الأوروبي يعكف على وضع عقوبات لفرضها على سياسيين لبنانيين  يعطلون تشكيل الحكومة" وهو يبحث في الأسماء.  

وبتاريخ 6 تشرين الثاني 2020 فرضت الولايات المتحدة عقوبات على رئيس التيار الوطني الحر النائب  جبران باسيل، لترتفع الوتيرة في 23 نيسان 2023 وتطال أفرادا وشركات تدير وتساعد وتمول الجهاز المالي لـ"حزب اللهه". واعتبرت في حينه واحدة من أكبر اللوائح.

اللائحة طويلة لكنّ أيا منها لم يفضِ إلى أية نتيجة. فالعرقلة لا تزال على أشدها من قبل الممانعة، و"المعرقلون" وعلى رأسهم النائب جبران باسيل يضع شروطا تعجيزية لانتخاب رئيس الجمهورية والنتيجة فراغ رئاسي مستمر منذ 13 شهراً، وانهيار مالي وإقتصادي وقد يتطور إلى أمني وعسكري، لاسمح الله.

هذه المشهدية بواقعيتها السوداوية وصلت إلى الإتحاد الأوروبي على وقع طبول الحرب في غزة ، فصرف النظر عن خطوة فرض عقوبات على سياسيين لبنانيين خصوصا من يعرقلون انتخاب رئيس للجمهورية. وتبين للإتحاد أن العقوبات التي فرضها على السياسيين "لم تعطِ أية فائدة، ولم تؤثر على حل أزمة الإستحقاق كما لم تساعد على "فكفكة" العقد. حتى أن النائب باسيل،  لا يزال يعرقل ويضع شروطاً لانتخاب الرئيس من دون أن تؤثر عليه.

يقظة قد تكون متأخرة لكن حسنا أنها جاءت ولو متأخرة بدلا من أن لا تحصل أبداً. أما الإيجابية التي برزت فتمثلت في القرار الذي "يدرسه" الإتحاد ويتضمن جملة خيارات منها"تجميد الأصول في المصارف ومنع دخول "المعاقبين" دول شينغن.
 

الدكتور في القانون الدولي والمحامي في بيروت وباريس الدكتور أنطوان صفير يستهل كلامه لـ"المركزية" بتوصيف العقوبات المفروضة على سياسيين لبنانيين سواء من قبل الإتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة بأنها إعلانية أكثر مما هي واقعية". ويعرف عن مفهوم العقوبات "بمنع الأشخاص من القيام ببعض الأمور. فالعقوبات الأميركية مثلا، تمنع الشخص الذي طالته العقوبات من استعمال النظام المصرفي العالمي أو التعامل مع أي من البنوك المراسلة في النظام المصرفي".

النقطة الثانية التي يثيرها صفير هي "توقف عدد كبير من رجال الأعمال والشركات الكبرى عن التعامل مع الأشخاص المعاقبين خوفاً من ان تطالهم العقوبات". وفي ما يتعلق بالعقوبات الأوروبية يؤكد " أنها لم تفض بدورها لأية نتيجة طالما لم يصدر قرار بتجميد حسابات الأشخاص المدرجة أسماؤهم على لائحة العقوبات في المصارف وبالتالي منعه من الدخول إلى الأراضي الأوروبية".

قد يكون الخيار الذي وضعه الإتحاد ويدرسه لجهة تجميد اصول الأشخاص ومنعهم من دخول دول الشينغن هو الأكثر فعالية وواقعية يقول صفير" لأن أملاك السياسي ستتأثر مباشرة وكذلك حساباته التي سيفرض عليها قرار التجميد ولن يتمكنوا من السفر إلى دول أوروبية". ويستطرد موضحا أن " تجميد الحسابات المصرفية يعني منع أصحابها من تحريكها أما إقفال الحسابات فيعطي المالك الحق في سحبها والتصرف بأمواله".

حتى الآن "لا توجد عقوبات أوروبية واضحة المعالم. فقط هناك العقوبات الأميركية الصادرة عن وزارة الخزانة الأميركية". ومجرد أن يتخذ الإتحاد الأوروبي قرارا بتجميد الأصول فهذا يعني أننا دخلنا في الشق العملاني".

مجرد طرح الإتحاد الأوروبي "تجميد الأصول في المصارف ومنع دخول الأفراد الذين شملتهم العقوبات دول شينغن" يتبادر إلى الأذهان التفاف هؤلاء على العقوبات واستباق القرار بحيث يعمدون إلى سحب أموالهم من المصارف الأوروبية وبيع أملاكهم لكن قانونا "هذا الأمر غير وارد، يقول صفير لأن العقوبات الأميركية المفروضة عليهم تعني أنهم أصبحوا خارج النظام العالمي المالي، وبالتالي لا يمكنهم التصرف بأصولهم المصرفية حتى لو كانت موجودة في أوروبا. أما بالنسبة إلى أملاكهم الموجودة بأسماء اصحابها فيمكنه التصرف بها إلى حين صدور القرار عندها تصبح مجمدة ولا يعود له الحق بذلك".

جردة العقوبات الأميركية والأوروبية أثبتت حتى الآن أنها مجرد "عقوبات إعلانية على الورق" وحتى لو أصبحت واقعية " فهي ليست إلا عنصر ضغط ولا أعتقد أنها ستكون المحرك لانتخاب رئيس الجمهورية". ويشير صفير إلى أن توقيت بيان الإتحاد الأوروبي يندرج في الإطار نفسه أي الضغط على "هؤلاء السياسيين ليقول لهم بأن موضوع انتخاب رئيس للجمهورية صار أكثر جدية وعليه يفترض أن يأخذ السياسيون الذين سيتم إدراج اسمائهم على لائحة خيارات العقوبات الجديدة في الحسبان أن الخناق سيشتد عليهم وعليهم أن يأخذوا المسألة بكثير من الجدية لأن مطلق أي سياسي مضطر أن يسافر وأن لا تكون أمواله مجمدة".

إلا أن جدية الخيارات لا تقابلها مواقف حاسمة من قبل الأوروبيين"فحتى اليوم لم نلمس أي موقف أوروبي حاسم تجاه مسألة الإنتخابات الرئاسية ولا أعتقد أن  فرنسا ستحسم أمرها وبالتالي فإن الموقف الأوروبي لن يغرد خارج سربها" يختم صفير.