الأوروبيون بأطول استجواب لشقيق سلامة.. ووزير العدل لإسكات القضاة

أخيراً رضخ شقيق حاكم مصرف لبنان، رجا سلامة، للأمر الواقع وأجبر نفسه على المثول أمام الوفود الأوروبية، اليوم الخميس 4 أيار، بعدما باءت كل محاولات تهرّبه بالفشل!

تحقيق طويل
فبعد أن تمنّع عن حضور جلسات استجوابه لمرتين متتاليتين، كانت "الجلسة الثالثة هي الثابتة". ولساعات طويلة حقق القضاء الأوروبي مع صاحب شركة فوري. ونتيجة تمنعه عن الحضور سابقاً، فقد أصرت القاضية الفرنسية أود بوروسي على "زيادة" ساعات استجوابه لتتمكن من طرح جميع الأسئلة عليه.
ولم تكتف بوروسي بذلك، بل سارعت إلى إنهاء جلسة استجواب المدققة المالية في شركة "ديلويت" ندى مخلوف،عن طريق طرح مجموعة صغيرة من الأسئلة خلال مدة قصيرة لم تتجاوز الساعة، ليطرح خلالها حوالى 70 سؤالاً فقط.

وحسب مصدر قضائي لـ"المدن": "استجوبت الوفود الأوروبية سلامة أكثر من 7 ساعات متواصلة، وطرحت عليه حوالى 150 سؤالاً، كما وطالبته بضرورة إبراز الكثير من المستندات الرسمية أمام القضاء الأوروبي للتأكد من صحة أقواله".

وخلال الأيام الماضية، تمكنت الوفود الأوروبية من إنهاء جميع جلسات استجوابها قبل الساعة الثانية ظهراً، إلا أن جلسة شقيق الحاكم، تعتبر من أطول جلسات الاستجواب طوال المرحلة الثالثة من التحقيقات، حين بدأت عند العاشرة صباحاً وانتهت عند الخامسة والنصف عصراً.

وصباحاً، حضر رجا سلامة باكراً إلى قصر العدل ببيروت، منتظراً وصول الوفود الأوروبية لبدء الجلسة. وربما، كان يظن أنه "مستهدف"، فقرر الاستعانة بعناصر حماية الشخصيات. فقد رصدت "المدن" تحركاته برفقة شاب في منتصف العقد الثالث، طويل القامة و"مفتول العضلات"، وهي الصفات التي تنطبق على عناصر حماية الشخصيات.

وخطوة بخطوة، مشى سلامة إلى جانب الشاب الذي رافقه إلى الباب الرئيسي لقاعة الاستجواب. ومن الواضح أن المهمة الموكلة إليه هي البقاء إلى جانبه طوال هذا اليوم.

اقتحام الجلسة
وإصرار القضاء الأوروبي على ملاحقة كل فاسد ومعاقبته قانونياً، دفع بالنائب العام الاستئنافي، القاضية غادة عون، إلى اقتحام جلسة الاستجواب لتستنجد به!. فعون التي قرر القضاء اللبناني اليوم صرفها من الخدمة، لجأت إلى القضاء الأوروبي لإبلاغه بهذا القرار "التعسفي"، وبعد دخولها قاعة الاستجواب، بدأت بالصراخ أمامهم لتشرح لهم باللغة الفرنسية القرارات المجحفة المتخذة بحقها، ولتطلب من القضاة الأوروبيين المساعدة والتدخل في هذا الأمر!

وزير العدل أيضاً..
وبالتزامن مع قرار فصلها من الخدمة، سُربت وثائق رسمية حملت إمضاء وزير العدل هنري الخوري، الذي قرّر منع القضاة من الظهور الإعلامي من دون إذنه. وعلى ما يبدو أن الخوري يسعى لتقييد حرية القضاة، ومنع الصحافة من الحصول على المعلومات، تماماً كما فعل نقيب المحامين، ناضر كسبار، بعدما قرر تقييد الظهور الإعلامي للمحامين بإذن مسبق منه.

وجاء في التعميم الأول لوزير العدل الصادر في 26 نيسان 2023: حيث أنه يتبين بالرغم من صدور تعميم رقم 1415\ق\2021، يلفت نظر القضاة بعدم الظهور الإعلامي وإبداء الآراء من دون الحصول على إذن مسبق، لا يزال بعض القضاة لا يتقيدون بالأصول القانونية ذات الصلة. لذلك، يعمم على السادة القضاة بوجوب التقيد بالأحكام القانونية، والإمتناع عن الظهور الإعلامي بجميع أشكاله، وعن اتخاذ أي موقف علني على أي منصة إعلامية أو إلكترونية أو غيرها من دون الحصول على إذن مسبق من المرجع المختص"   

أما التعميم الثاني الصادر في التاريخ نفسه فجاء فيه:

"يطلب من القضاة وقبل مغادرة  الأراضي اللبنانية بعشرة أيام على الأقل، الإستحصال على إذن مسبق من الوزير وفقاً للأًصول القانونية وذلك تحت طائلة الملاحقة المسلكية.

ويطلب من القضاة عدم التواصل المباشر وغير المباشر مع أي سفارة أو منظمة حكومية وغير حكومية أو أي جمعية بهدف المشاركة في ندوات أو ورش عمل في الداخل أو الخارج أو أي سبب آخر قبل تقديم طلبات بذلك من الجهة الداعية إلى وزير العدل وفقاً للأصول القانونية وذلك تحت طائلة الملاحقة المسلكية".

رد نادي القضاة
تعقيباً على تعميمي وزير العدل، ذكّر نادي قضاة لبنان ببيان مجلس القضاء الأعلى تاريخ 20 آذار 2018 الذي أكّد على ثوابت لا يمكن الحيد عنها وأهمها:

1- أنه لا يجوز لوزير العدل توجيه تعاميم للقضاة، كما أن المجلس لا يعد آداة تنفيذية لهذه الغاية، عملاً بمبدأ استقلالية السلطة القضائية، ولا يجوز لأي سلطة دستورية أن تطغى بعملها على عمل سلطة أخرى.

2-  إن نص المادة 44 من قانون القضاء العدلي يلحظ بوضوح أن القضاة مستقلون ولا يمكن نقلهم أو فصلهم عن السلك القضائي إلا وفقا لأحكام القانون، فلا رئيس مباشر أو غير مباشر للقاضي كي يخضع له أو كي ينفّذ تعليماته أو أوامره، وليس هناك قيادة وريادة في القضاء لا قانوناً ولا واقعاً.
لذلك، إن تعميمي وزير العدل يضربان استقلال السلطة القضائية وأساسيات العمل القضائي ويعتبران بحكم غير الموجود.

الجلسة الأخيرة ويوسف الخليل
يوم غد الجمعة، ستنتهي المرحلة الأخيرة من التحقيقات الأوروبية في قضية اختلاس رياض سلامة مبلغ 330 مليون دولار أميركي. والوفود الأوروبية ستغادر لبنان وفي جعبتها الكثير من المعلومات التي ستخولها اتخاذ الإجراءات القضائية اللازمة بحق عائلة سلامة والمتورطين معه.

ومن المفترض أن يمثل وزير المالية، يوسف الخليل أمامهم يوم غد الجمعة، إلا أنه لم يبلغ قانونياً بعد، ما يعني أنه قد ينجح في التهرب عن جلسته المحددة يوم غد. وحسب مصدر قضائي لـ"المدن" فإن القاضي شربل أبو سمرا قد أرسل كتاب تبليغ الخليل إلى وزير الداخلية بسام المولوي، لإبلاغه بموعد جلسته. وتابع المصدر، "قانونياً بفترض أن يرد التبليغ ليتأكد القضاء اللبناني من تبليغ المستدعى إلى الجلسة، وحتى الساعة لم يُرد التبليغ، ولكن علمنا أن الخليل بُلّغ بجلسته".

إذً، يوم غد ستنتهي المهمة القضائية للوفود الأوروبية في بيروت، ومن الواضح أن الخليل لم يحسم خياره بالمثول أمام القضاء الأوروبي، بالرغم من تأكيد إبلاغه عن طريق وزير الداخلية بسام المولوي.