استعداد للمنازلة الكبرى غدًا الأحد... التخفيضات ستواجه بالاضرابات!

"استراحة المحارب" التي أخذتها اليوم الحكومة من جهة، والقطاعات العمالية والنقابية من جهة ثانية، استغلّها كل من الجانبين لترتيب أوراقه ورص صفوفه، استعدادا لـ"المنازلة" الكبرى، التي تنطلق مجددا غدا بينهما. ففي الجلسة المسائية التي يعقدها مجلس الوزراء الاحد، سيقارب أكثر البنود حماوة في الموازنة، اي رواتب العاملين في القطاع العام، والمتقاعدين منه، والتقديمات التي يستفيدون منها، وقد تفادت الحكومة درسها حتى الساعة، وآثرت تركها جانبا، لفضّ حركة الاضرابات الواسعة التي حاصرتها الاسبوع الماضي وشلّت المرافق المالية والحيوية في الدولة، ولتتمكن من تأمين أوسع "توافق" سياسي على القرارات "الصعبة" و"غير الشعبية"، جارٍ العمل حاليا، خلف الكواليس، على تمتينه. 

في المقابل، وبعد ان استشعروا ان "المقصّ" عاد ليتهدد معاشاتهم و"حقوقهم"، وضع العمّال من جديد، يدهم على الزناد، وهم يعدّون العدة للعودة الى الشارع، رفضا لاي تخفيضات محتملة. وبعد ان كانت هيئة التنسيق النقابية دعت الى الاعتصام اليوم في ساحة رياض الصلح، أعلنت إرجاء تحرّكها بسبب تأجيل جلسة مجلس الوزراء، الى موعد يحدد لاحقا في ضوء معطيات جديدة، مع الإستمرار بالإضراب اليوم والذي كان مقررا سابقا. ودعت الهيئة الى مواكبة مقررات الجلسة مساء الأحد، وطلبت من الأساتذة والمعلمين والموظفين والمتقاعدين البقاء على الجهوزية التامة للتحركات التصاعدية التي ستعلن في حينها إضرابا واعتصاما وتظاهرا، وصولا للاضراب المفتوح والخيارات الموجعة. أما العسكريون المتقاعدون الذين كانوا تحرّكوا على الارض امس بالتزامن مع جلسة مجلس الوزراء، حارقين الاطارات وملوّحين بالأسوأ، فبدورهم، يتحضّرون للتحرك، متوعّدين بقطع طرق وبمنع النواب من الوصول الى ساحة النجمة. من جانبهما، الاتحاد العمالي العام والمصالح المستقلّة، يرصدان مناقشات مجلس الوزراء غدا، وسيعودان الى الاضراب فور تلمّسهم اي مسّ برواتبهم.

جلستان دسمتان: لكن أي قرارات يمكن ان يتّخذها المجلس في جلستيه "الدسمتين" المحددتين غدا (في السراي) وبعد غد (في بعبدا)؟ مصادر سياسية مراقبة تقول لـ"المركزية" إن ثمة قرارا مبرما بتحقيق خفض في العجز الى 9% وما دون، وذلك يتطّلب مساهمة من الجميع. وبعد ان أقر مجلس الوزراء امس رفع الفوائد على الودائع المصرفية من 7 الى 10% وخفض المنح المدرسية بنسبة 15% (ما عدا الموظفين التابعين لتعاونية موظفي الدولة)، ووافق على رفع سن التقاعد للاسلاك العسكرية (على ان يكون التقاعد بعد 23 عاما بدل 18 عاما، أما ضباط الاختصاص فقد تمت اضافة 3 سنوات)، مع تنفيذ القانون في ما خص التدبير رقم 3، فهو سينظر غدا والاثنين في رواتب العاملين في القطاع العام، بدءا من النواب والوزراء، ومن المتوقّع ان يقتطع نسبة منها او يجمّدها لفترة زمنية محددة.

تخفيضات..وإصلاحات؟: واذا كانت هذه التدابير القاسية شرا لا بد منه، وفق المصادر، فإن من الضروري ان يتمّ إقرانها بسلسلة خطوات اصلاحية قوية في الموازنة، تذهب الى محاربة مكامن الهدر الكبرى، كالتهرب الضريبي والجمركي وتسوية الاملاك البحرية وملف مباني الدولة المؤجرة (وسواها)، واطلاق مسار يحقق نموا اقتصاديا في المرحلة المقبلة، من دون الاكتفاء فقط بخفضٍ مرحلي للعجز. فبهذا السلوك، تضيف المصادر، قد تنتقل مهمّةُ إقناع المواطن بأن ورشة الاصلاح والنهوض، انطلقت فعلا، من الأمر المستحيل الى الامر الوارد!