إعلان بعبدا من نوع آخر... معالجة الأسباب التي أدّت الى فقدان الدولار من لبنان!

بمعزل عن إمكانية حصول أو عدم حصول لقاء بعبدا الحواري بعد أيام، وسواء شاركت هذه الجهة أو تلك به، أو لا، فإن البحث عن برنامج واضح وورقة واحدة، قد لا يُمكن حصره ببعض العموميات التي تتعلّق بنتائج الأزمة التي يمرّ بها لبنان.

فمن الجيّد مثلاً، المطالبة باستعادة علاقاتنا الجيّدة مع محيطنا العربي. ولكن هذا ليس كافياً لوحده، إن لم يَترافق مع معالجة الأسباب التي أدّت الى المقاطعة العربية لبيروت.

"إعلان بعبدا"

وبالتالي، فإن أي حوار وطني مُنتِج، يجب أن يؤول الى "إعلان بعبدا" من نوع آخر، يتماشى مع المتغيّرات التي عصفت بلبنان والمنطقة بعد عام 2012، وصولاً الى اليوم. وأي إعلان من هذا النّوع، يتوجّب أن يتطرّق الى، وأن يُعالج في الأساس، ما يتعلّق بـ:

* أسباب تدهور العلاقة مع المجتمع الدولي عموماً، ومع الأميركيّين والعرب خصوصاً، والذي أدّى الى أزمة "دولارية" غير مسبوقة، على مستوى البلد ككلّ.

* أسباب وتداعيات الخلافات والتبايُنات السياسية حول التعاطي مع ملف مصرف لبنان، والذي يُرخي بظلاله على كلّ ما له علاقة بالملفات المالية، والذي سيؤثّر على الخيارات المالية للدولة اللّبنانية، مستقبلاً.

* القول جهاراً إنه لا يُمكن للبنان الخروج عن القرارات الدّولية التي ترِد دوماً، سواء على ألسنة كلّ المسؤولين الدّوليين، أو في بيانات مجموعة "الدّعم الدّولية من أجل لبنان".

* الخروج برؤية واضحة حول أسباب التوجّه شرقاً، إذا كان هذا الأمر مُفيداً للبنان، ونتائجه، في شكل يجعل الدّاخل يطمئنّ، والغرب "الصّديق" للبنان منذ ما قبل الإستقلال لا يتوجّس، ولا يعدّ العدّة للإنسحاب الكلّي من البلد.

* انتزاع تعهُّد واضح، من كلّ الأطراف المُشارِكَة في طاولة بعبدا، حول عدم التنصُّل من أي اتّفاق يحصل على إجماع لبناني - لبناني، ويهدف الى إعادة مدّ الجسور مع الأميركيّين والعرب. وهذه قد تكون النّقطة الأهمّ.

لمَ العذاب؟

رأى مصدر مُتابِع أن "لا طعم فعلياً لأي حراك سياسي يحصل على المستوى المحلّي، دون حصول معالجة في العمق. وإذا كان يُطلَب من كلّ اللّبنانيين أن يكونوا جزءاً من المعالجة العميقة، فإنه يتوجّب الإستماع الى صوتهم. وعندما يقولون إن سبب المشكلة هو سلاح "حزب الله"، فلا يجب تخوينهم في تلك الحالة".

واعتبر في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" أن "إعلان بعبدا" أفضل مثال على إمكانية أن تكون الإتّفاقات حبراً على ورق. وبالتالي، ما هي المنفعة من الذهاب الى بعبدا، وتقديم غطاء لرئيس جمهورية يفشل في تحقيق أي إنجاز، ويريد تحميل مسؤولية هذا الفشل الى الأطراف المُعارضَة له ولعهده، دون الاستماع الى ما يريدونه؟".

وقال:"لمَ العذاب أيضاً إذا كانت المعارضة لن تضع ورقة لبرنامج محدّد، تعلن عنه وتقول إن هذا هو ما سيُنقِذ البلد؟ ولمَ العذاب إذا كانت كلّ جهة في المعارضة تريد أن تعمل لوحدها؟ ولمَ العذاب إذا كان رئيس الجمهورية لا يريد أن يستمع أصلاً؟".

إيران أهمّ

وردّاً على سؤال حول خروج الساحة السنيّة بندوب من حوار بعبدا، سواء حصل أو لا، انطلاقاً من أن طرفاً سنياً قد يعتبر أن رئيس الحكومة حسان دياب يمثّل الشرعية السنيّة حالياً بالفعل، فيما أن أطرافاً أخرى تقول إن لا أرضية شعبية سنيّة لديه، أجاب المصدر:"إذا كان رئيس الجمهورية يعتبر أن دياب وحده أكثر من كافٍ لتمثيل السنّة، فلماذا يصرّ البعض على مشاركة الرئيس سعد الحريري مثلاً، أو باقي الرؤساء السابقين للحكومة؟".

وحول انعكاس ما يحصل في ليبيا وسوريا، على لبنان، أضاف:"هذا كلّه يتوقف على مدى استعداد "حزب الله" للذّهاب في خيارات جديدة، مختلفة عن السابق".

وختم:"الحقيقة في هذا الإطار يُمكن تلمّسها من مراقبة ما تطلبه إيران، وليس "الحزب". فهذا هو الأهمّ".