"أيلول المخادع"... إحذروا النهايات!

جاء أيلول خريفيا مبكرا هذه السنة حتى ان فاتحته، لا طرفه، كانت مبلولة بالمطر. طراوة الطبيعة تلطف كما "ورقه الأصفر" منذ البدايات توهج الاضطراب الشامل التصاعدي الذي سيغرق اللبنانيين بمزيد من كوابيس الاستحقاقات المعيشية والحياتية، فيما المشهد السياسي والأمني والواقع المسمى "وطنيا" في واد آخر.

لا تتسع متاهات الثرثرة الفارغة في تبرير زج لبنان في حرب ربط الساحات لاي مساءلة ولا سؤال عما اذا كان "اليوم التالي" لتواصل الحرب جنوبا، وتمادي الفراغ داخليا، سيتسع لخطة ما للسنة المقبلة في ظل استفحال وضع الانهيار التصاعدي الذي يتعمق اكثر فاكثر بصمت مخيف ولا من يصرخون لان اليأس صار "عقيدة" وأيديولوجية لدى الشرائح الأكبر والاضخم لدى اللبنانيين لا تعلوها أي عقائد أخرى.

تدفقت في الأيام الأخيرة انباء مشؤومة متعاقبة تتصل بالوضع الاقتصادي والمالي متزامنة مع طلائع أيلول وخريف الاستحقاقات المنهكة اجتماعياً، ولا من رف له جفن ولا من التفت الى ما يصاغ في كواليس التآمر السوداء الأكثر سوادا وظلمة من غرف العمليات المشبوهة التي أدت في العام 2019 إلى إنفجار انهيار لبنان. يخبروننا الان، بطرق التسريب التسلسلي المتدحرج بان ثمة خطة جديدة وضعت لهيكلية القطاع المالي والمصرفي من بنودها "المقدسة" الانقضاض على بقايا البقايا من ودائع الناس الذين أفقروهم وافلسوهم وسووا الأرض باعمارهم وأعمار أولادهم واجيالهم الى عقود امامية.

يخبروننا الان بان الليرة اللبنانية صنفت في اخر تصنيف لمجلة "فوربس" احتلت مجددا المرتبة الأولى في الانهيار وهبوط قيمتها "وتفوق" معها لبنان الذي كان في عصره الجميل "درة الشرق" على أسوأ بلدان العالم الفاشلة محتلا المرتبة الانتحارية بامتياز! يخبروننا بفخر زائف وتكاذب وقح لا قعر له بان الإدارة السياسية والمالية الراهنة تحفظ لبنان من متاهات انهيار إضافية ب"حكمة" الذين أتاحت لهم ظروف الفراغ القاهرة القسرية ان يقيموا طويلا ، مع تمدد عمر الحكومة المبتورة والمسؤولين والوزراء الطويلي العمر. يخبروننا بان هذه الحكمة إياها تملي التمويه والتباهي والتماهي مع فريق متسلط في السلطة ومتسلط في الميدان ومتسلط في اللسان المقذع الممتهن تخوين المعارضة وتخوين كل من يخالفه الموقف والاتجاه، والمدمن على هذه الثقافة البائدة المفلسة التي تساهم فقط في إذكاء الأجواء والمناخات التقسيمية الفتنوية في بلد تفتت وحدته وتفككت وتترنح في آخر خلجاتها ولا من يملك الجرأة على اعلان هذه الحقيقة المدوية.

في أيلول اللبناني هذا، عشية بلوغ سنة على حرب غزة وحرب جنوب لبنان ، وعشية بلوغ سنتين على "حرب الفراغ" الدستوري في رئاسة الجمهورية اللبنانية وكل ما اعقبها ويواكبها من فصول تكمل مؤامرة تقويض النظام الدستوري وإفراغه من أخر مفاعيله، في أيلول هذا يتجه لبنان نحو تسجيل أسوأ المقاييس في ما يسمى إدارة الازمة بحيث يكفي ان تسأل من يدير لبنان اليوم ، وبأي معايير، لتتيقن بان اقدار لبنان "العظيمة" جعلته يدرج قسرا في لائحة افشل الدول والبلدان التي يهيمن عليها محور "الازدهار" والتنمية والإصلاح والتطور المسمى محور الممانعة.

ولن تختلف المعايير حتى لو لم تكن حرب في الجنوب ما دامت مفردات الفراغ والتعطيل والتخوين تلتصق بالتعريف الثابت الدائم لرموز وأقطاب وقوى هذا المحور ومن يحالفهم ظرفيا او مصلحيا او لاي هدف اخر ، اذ ان التجربة صارت اكبر من أي تحذير من الآتي الأخطر بعد الحرب.